رفضت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا، المثول أمام جلسة استماع عقدتها لجنة وزارية برئاسة وزير الشتات، عميحاي شيكلي، اليوم الإثنين، في إطار مسار إقالتها من منصبها، ووصفت دوافع اللجنة بأنها “فاسدة وغريبة”.
وعقب امتناعها عن الحضور، قررت اللجنة أن تمنح المستشارة “فرصة لجلسة استماع إضافية”، وقررت دعوتها مجددًا للمثول أمامها يوم الخميس في العاشرة صباحًا، فيما اعتبرت المستشارة أن “نتيجة الاستماع معروفة مسبقًا”، وفق ما ورد في رسالة رسمية سلمتها للجنة.
وشددت المستشارة القضائية على أن مشاركتها في إجراء “لا يستند إلى أساس قانوني، ويُجرى شكليًا، ويحدد مسارًا جديدًا لإنهاء ولاية من شأنه أن يمس بشكل خطير باستقلالية منظومة الاستشارة القانونية”، يعني “منح الشرعية للعملية”.
واعتبرت بهاراف ميارا أن مثولها أمام اللجنة “سيكون بمثابة خيانة لمهمتها”. ورأت أن “الاستماع يُلغي تمامًا العِبَر المستخلصة من قضية بار أون – الخليل، ويمنح الحكومة سيطرة سياسية كاملة على إجراءات إنهاء ولاية المستشار القضائي للحكومة دون أي رقابة خارجية”.
وشددت على أن ذلك يأتي “خلافًا لتوصيات لجنة شمغار والقواعد التي أقرتها الحكومة نفسها”. وأشارت إلى أنّ ما يجري هو “محاولة فظة لتحويل جهاز الاستشارة القضائية للدولة والنيابة العامة إلى مؤسسة خاضعة للسلطة السياسية”.
وقال إن الحكومة تسعى لدفعها إلى “التغاضي عن مخالفات قانونية وتتردد في إنفاذ القانون ضد المسؤولين ومقرّبيهم خشية من الانتقام”، محذرة من أنّ ذلك “يلغي الضوابط على سلطة الحكومة ويقوّض سيادة القانون والمساواة أمامه وحقوق الإنسان والقدرة على مكافحة الفساد السياسي”.
وشددت على أن “إجراء إقالة قانوني ومنتظم وبنوايا سليمة، وفق المبادئ التي قررتها الحكومة في أعقاب قضية بار أون – الخليل وبالاستناد إلى تقرير لجنة شمغار، هو الضمانة لمنع سوء استخدام الحكومة لصلاحية الإقالة”.
وأضافت “بغير ذلك، ستكون الحكومة قادرة على عزل أي مستشار قضائي، وهو في ذات الوقت النائب العام للدولة، بذريعة ما، لكن بدوافع غريبة أو فاسدة، مثل منع إجراء غير قانوني، أو الأمر بفتح تحقيق أو تقديم لائحة اتهام ضد عضو كنيست من الائتلاف، أو رفض إيقاف محاكمة جارية ضد وزير حالي، أو كجزء من صفقة سياسية لضمان بقاء الحكومة”.
الوزارية للتشريع تقر مشروع قانون يتيح إقالة كبار المسؤولين الأمنيين والقضائيين
على صلة
الوزارية للتشريع تقر مشروع قانون يتيح إقالة كبار المسؤولين الأمنيين والقضائيين
وأوضحت المستشارة أن جلسة الاستماع تُبنى على “قرار حكومي غير قانوني يقضي بإعفاء الحكومة من واجب التشاور مع لجنة مهنية قبل الإقالة”، لافتة إلى أنّ الحكومة منحت نفسها “سيطرة كاملة على عملية الإقالة دون رقابة خارجية”.
وكتبت المستشارة القضائية للحكومة في هذا السياق: “حين يمكن تبديل القواعد حسب المصلحة اللحظية، لا تعود للقواعد أي قيمة، ووفق هذا النهج لا تبقى أي أهمية للضوابط والتوازنات على سلطة الحكومة”؛ وأكدت أن جهاز الاستشارة القضائية بقيادتها “تعاون بشكل يومي ومستمر مع الحكومة منذ تشكيلها، دعمًا لسياساتها في القضايا التي تُعد في صلب عملها”.
من جانبها، اعتبرت مصادر حكومية أن اللجنة “تنظر بجدية إلى غياب المستشارة عن جلسة تبحث في مصيرها”، لكنها قررت دعوتها مجددًا “كي يكون الإجراء القانوني سليمًا”. وبعد جلسة الخميس، يُتوقّع أن تصدر اللجنة توصية للحكومة بإقالتها.
ومنذ لحظة إصدار التوصية سيكون بالإمكان اتخاذ القرار الحكومي بشأن الإقالة إما عبر تصويت هاتفي أو خلال جلسة حكومية. كما يُتاح بعد ذلك تقديم التماسات إلى المحكمة العليا لطلب إصدار أمر احترازي بوقف الإقالة، ما يلزم المحكمة بالنظر في القضية.
وكان الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، قد قال قبل جلسة الاستماع: “نحن في قطار أفعواني فقد مكابحه. علينا أن نتوقف قبل أن لحظة الانهيار”، محذرًا من المساس بمنصب المستشار القضائي، الذي وصفه بأنه “حساس للغاية بالنسبة للديمقراطية”.
وشدد هرتسوغ على أن “كل خطوة يجب أن تُوزن ألف مرة قبل الإقدام عليها”. وأشار إلى أن المستشارة القضائية “اتخذت قرارات شجاعة خلال الحرب، وقدّمت دعمًا كاملًا للحكومة والأجهزة الأمنية، وكانت أفعالها بمثابة حماية لإسرائيل على الساحة الدولية”.
يُذكر أن المحكمة العليا رفضت، أمس، طلب المستشارة بإصدار أمر احترازي يجمّد استدعاءها إلى جلسة الاستماع، وأجازت للحكومة المضي في دعوتها. وقال نائب رئيس المحكمة العليا، القاضي نوعام سولبرغ، إن الاستدعاء “ليس خطوة غير قابلة للتراجع”.
واعتبر سولبرغ أن بإمكان مقدّمي الالتماس العودة إلى المحكمة بعد اتخاذ قرار نهائي بشأن الإقالة. وأضاف “المحكمة لا تنظر في حجج جوهرية قبل صدور القرار النهائي من الجهة المختصة”، وأوضح أن “الوضع القانوني لمكانة آراء المستشار القضائي وقرارات النيابة لم يتغيّر”.
وفي الشهر الماضي، أقرّت الحكومة تغييرًا في إجراءات إقالة المستشار القضائي، بما يتيح لها تجاوز اللجنة التي يرأسها رئيس المحكمة العليا الأسبق، آشر غرونيس، والمضي نحو إقالتها دون موافقة اللجنة. وبدلًا من ذلك، أنشأت الحكومة لجنة وزارية جديدة، للنظر في المسألة.