8 أكتوبر 2025Last Update :
– الكاتب: موفق مطر – ليست المسؤولية الوطنية شعارا ثم يطوى، ولا استثمارا لجني المكاسب، ولا يافطة انتخابية، أو كلمات مخضبة بأصباغ نثر أو شعر، لتخدير اسماع الناس ومراكزهم العصبية، إنها مبادئ، وأخلاق شخصية فردية، وجمعية، ومنهج وبرنامج عمل، تفكيرنا وأعمالنا، واستجابة بصدق وإخلاص لضمائرنا في اليقظة، وفي الرؤيا أيضا.
المسؤولية الوطنية وعي طبيعي يخلق مع الانسان، وللبيئة الاجتماعية، والسياسية، والثقافية والاقتصادية القدرة على تنميته (الوعي) وتطويره حتى تصبح (المسؤولية الوطنية) دافعا لاكتساب المعرفة، بما يمكن المرء من إدراك زمانه ومكانه، وامتلاك القدرة على رؤية بعيدة المدى، ذلك أن العقل الانساني القادر على التفكير باعجاز الكون، واستكشاف القوانين الناظمة لتوازنه، لن يعجز عن التفكير والبحث عن المسارات الصحيحة السليمة، لبلوغ المستقر بسلام، وتحقيق نموذج الحرية والسلام، باعتبارهما المعنيين المقترنين باسم الحياة الانسانية، التي تبقى ناقصة بدون عيشهما فعلا، في احب مكان له على وجه الكرة الأرضية (الوطن).
المسؤولية الوطنية قد تكون فطرية عند البعض، والشهادات الأكاديمية والمسميات والمناصب وحدها ليست معيارا لقياسها، فهذه قد تكون قناعا لدى البعض، لكنها الوجه الانساني الذي يرى وطنه المرآة الأنقى، عاكسة لتفاصيل حياته لا تنكسر، يرى فيها نفسه المقدسة، ويومياته الحاضرة وتلك الآتية بصور مستقبله الآمن، وهي الوجه الأخلاقي البراق كالماس، فيرى الناس صورة وطن هذا الإنسان أرقى مما رسم في الروايات والكتب والمجلدات التاريخية.. ورغم حجم المتطلبات، فإن الأمر ليس معقدا، إذ يكفي المرء البقاء في تحليق دائم في فضاء ضميره، حتى يرى الحق ونقيضه الباطل، العدل والظلم، الحرية والاستعباد، العلم الجهل، ويرى الخير والشر، ويرى الحكمة والعبثية الغوغائية، ويستطلع النهايات الآمنة لدروب العمل بصبر ويقين، وبالمقابل خرائب العابثين بالذاكرة الانسانية، وإبداعات الناس الخلاقة وعقائدهم، يرى النفس المقدسة ومنهج الايمان باحيائها فجعلها شريعة وقانونا، وفي زوايا الظلم يرى كيف استرخص المجرمون قداستها فقتلوها ليبيعوا دمها!.. فيختار الوجه الانساني الانحياز للحياة.
المسؤولية الوطنية قرار يصفد الأنا من أجل تحرير الكل، وقراءة متأنية لأدق التفاصيل، وإعمال العقل بالفعل، حتى لا يهوي تحت سطوة وشدة وجبروت ردة الفعل، فالفاقد للمسؤولية يشعل النار وينفخ فيها بأنفاس “الأنا” حتى تصير جحيما، واذا به قد اندفع نحو بوابة التاريخ الوهمي الذي تخيله ليسقط في اتونها، أما التاريخ الحقيقي في زماننا فله بوابة واحدة يدخل منها من سار على درب السلام.. فالمسؤولية الوطنية منهاجنا لإرساء سفينة الحق الفلسطيني على شاطئ دولة الحرية والاستقلال والسيادة بأمان وسلام.
المسؤولية الوطنية لا تحتمل التسويق بالذكاء الاصطناعي، لأنها أصلا لا تخضع للبرمجة، ولا للحسابات الشخصية، ولا لحسابات فئوية، ذلك أن الذكاء الطبيعي قادر على كشف المستعمل منها لمرة واحدة فقط! ومستخدميها لفظا فقط، لمقتضيات المصلحة الآنية، والمناسبات الصورية!
أما المسؤولية الوطنية كتطبيق عملي ممنهج ومستدام مواكب لحركة الوطن (الشعب والأرض والقانون) فإنه يقر في ذاكرة المواطنين، لا تقوى عليها أعتى الفيروسات المضادة للوعي، أما إذا ذكرت نظريا فهي لتذكير فاقديها للتحرر من (أناهم) المحبوسة في مربع أضغاث احلام جماعة أعمت بصرها عن الحياة، وحشدت مضللين وأبرياء في دروب الموت حتى أتخمتها بالدماء.