اخبار

الغارديان: بعد الضربات الإيرانية.. لم يعد لدى إدارة بايدن ما تزعمه بمنع انتشار حرب غزة إلى المنطقة كلها

قال جوليان بورغر، مراسل صحيفة “الغارديان” إن الهجوم الصاروخي الذي نفذته إيران ليلة الثلاثاء انتقاما لمقتل زعيم حماس إسماعيل هنية، وزعيم “حزب اللهط حسن نصر الله، وقيادات عسكرية من الحرس الثوري، قرّب المنطقة من الحرب الواسعة والشاملة وجعلها حقيقة.

وقال الكاتب إنه في الوقت الذي تراجعت فيه قوى الانضباط، اعتبرت إسرائيل هجوم إيران بمثابة إعلان حرب.

وأضاف أن صور الصواريخ وهي تسقط على تل أبيب، أكبر إشارة واضحة بأن النزاع الإقليمي الذي تم التحذير منه على مدى عام، قد اشتعل.

وفي هذه المرة، وصلت الصواريخ بعد رحلة استمرت 12 دقيقة، حيث كانت قائمة الأهداف متنوعة وشملت مناطق مدنية. ونقلت الصحافة الإسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الغارات الصاروخية هي إعلان حرب من إيران. ورغم اعتراض معظم الصواريخ وعدم تسجيل ضحايا، إلا أن إسرائيل سترد بطريقة مختلفة عن ردها على هجمات نيسان/ أبريل التي كانت رمزية.

وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل سترد هذه المرة بطريقة متكاملة وستكون قائمة الأهداف جوهرية، وربما تشمل المنشآت النووية الإيرانية. وفي واشنطن، حاول المسؤولون الأمريكيون إظهار أنهم جرّدوا الهجوم من عنصر المفاجأة عندما توقعوا قرب حدوثه، حيث أعلنوا عنه من أجل ردع إيران وحرمانها من عنصر المفاجأة.

ورغم كل المخاطر التي يحملها الهجوم الأخير على الشرق الأوسط، إلا أنه سيترك تأثيرات جوهرية على السباق الرئاسي الأمريكي والانتخابات التي لم يتبق عليها سوى خمسة أسابيع. فقد صوّر الرئيس السابق دونالد ترامب ومرشح الجمهوريين الحالي، نائبةَ الرئيس كامالا هاريس بأنها لا تفهم أي شيء في السياسة الدولية.

وقال بورغر إن الولايات المتحدة فشلت على مدى الأشهر الماضية بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، كما انهارت جهودها مع فرنسا الأسبوع الماضي لتحقيق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، حيث رفض نتنياهو العرض في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وانهار المشروع بعد مصادقة نتنياهوعلى اغتيال زعيم “حزب الله” حسن نصر الله في بيروت يوم الجمعة الماضي.

وكانت الضربات الصاروخية يوم الثلاثاء انتقاما لنصر الله، وثأرا لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس في طهران نهاية شهر تموز/ يوليو.

وزعم المسؤولون الأمريكيون منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، أنهم نجحوا بمنع توسع الحرب إلى المنطقة، ولم يعد لهذا الزعم أي وزن الآن.

وبعد الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في نيسان /أبريل، حثت الإدارة الأمريكية إسرائيل على ضبط النفس في ردها، باستخدام نفوذ المساعدة الدفاعية الجوية الأمريكية لإقناع نتنياهو “باغتنام الفرصة” لإسقاط كل المقذوفات القادمة تقريبا. وهذه المرة، أشارت الولايات المتحدة إلى طهران واتهمتها بالتصعيد، ولن تكون قادرة في حالة وقوع هجوم إيراني ثان.

ويرى بورغر أن الأصوات الداعية لضبط النفس تضعف في كل يوم. ومن الناحية السياسية، لم يعد ينظر إلى إدارة بايدن على أنها تقيد أيدي إسرائيل في الرد على هجوم إيراني استهدف المدن الإسرائيلية.

ويشعر النظام الإيراني (الحرس الثوري الإيراني تحديدا) بالضغط لكي يظهر لعملائه وحلفائه الإقليميين، من حزب الله إلى الحوثيين في اليمن، أنه ليس ضعيفا بل قوة إقليمية جوهرية، وزعيم “محور المقاومة”.

وأصبح لدى نتنياهو اليد الحرة لكي يرد بالطريقة التي يريدها، وسيكون من الصعب على واشنطن التأثير على تحركاته. وبنفس المثابة، لا يستطيع منافسوه داخل إسرائيل الدعوة للإطاحة به.

وقد أصبح نتنياهو اليوم قريبا من هدفه الطويل، وهو توريط الولايات المتحدة  في حرب مع إيران تؤدي إلى تدمير المنشآت النووية، واستخدام السلاح ضد البرنامج النووي بعد انهيار معاهدة 2015 والتي تركت البرنامج يعمل بحدود.

ومن المؤكد أن حروب التدمير ضد حماس وحزب الله والآن إيران، ستزيد قوة الحجج التي يسوقها صقور إيران بأن السلاح النووي وحده قادر على الحفاظ على أمن البلاد وقوتها. وفي المقابل، فإن الخوف من أن تنتصر هذه الحجج في طهران سوف يغذي الدعوات في إسرائيل إلى شن حرب وقائية.

وفي مثل هذه الأوقات الحرجة، كان الشرق الأوسط يتطلع تاريخيا للولايات المتحدة كي تحتوي الأزمة، إلا ساكن البيت الأبيض، بات بطة عرجاء ورئيسا عاجزا تم تجاهله إلى حد الإذلال في الأشهر الأخيرة من قبل أقرب حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وكانت هناك منذ فترة طويلة، أصوات في المؤسسة الدفاعية الأمريكية تدعو إلى التحرك بشكل استباقي ضد البرنامج النووي الإيراني. وسوف تتزايد هذه الأصوات الآن في محاولة للتأثير على الرئيس الذي تعهد بالدفاع عن إسرائيل ضد التهديد الإيراني.

وبشكل عام، ظلت إدارة بايدن حذرة عندما يتعلق بالمغامرات العسكرية، ومن المتوقع أن تتبع هاريس مسارا مشابها، مع قدر أقل من الارتباط العاطفي بإسرائيل. لكن العنف المتصاعد في الشرق الأوسط من شأنه أن يضر بفرصها في خلافة بايدن بالبيت الأبيض، ويقرّب احتمال عودة أعظم بطاقة جامحة على الإطلاق، دونالد ترامب.

ورأت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها أن وصف إسرائيل عمليتها البرية في جنوب لبنان بـ”المحدودة” هو وصف “غامض” يعبر عن طموح وطمأنة أكثر منه تعريفا للعملية. فكم سيصل عدد القتلى اللبنانيين مع انتهاء إسرائيل من عمليتها البرية “المحدودة” والغارات المرافقة لها؟

وقد قتل أكثر من ألف شخص على الأقل خلال الأسبوعين الماضيين، بمن فيهم النساء والأطفال. وأصبح مليون شخص بلا مأوى في بلد كان يكافح بالفعل من أجل أداء وظائفه. وبعيدا عن منع المزيد من الصراع، فإن الهجوم البري الإسرائيلي يمهد الطريق لمزيد من العنف.

وقالت الصحيفة إن العملية الإسرائيلية تبدو صغيرة، على الأقل في البداية، لكن أثرها لن يقتصر على مقاتلي حزب الله الذين تستهدفهم. فإصدار الأوامر للمدنيين بالمغادرة لا يعفي الجيش من التزاماته تجاههم بموجب القانون الدولي. لقد استخدمت إسرائيل مصطلح “محدود” أثناء عمليات رفح، ولكن النتيجة هناك لم تكن مختلفة عن الدمار الذي شهدته غزة. مضيفة أن العمليات “المحدودة” عندما تتكرر، تصبح شيئا أكبر. والعمليات “المحدودة” تخضع لتوسع في المهام، سواء عن قصد أو غير قصد، ولا تحدد إسرائيل وحدها نتائجها. إن حزب الله وإيران وغيرهما يعيدون النظر في الحدود التي وضعوها في السابق، ولأسباب تتعلق بمصالحهم الذاتية، في ضرب إسرائيل.

وقالت الصحيفة إن هذه لحظة خطيرة للبنان والشرق الأوسط، ولكنها تذكر بما حدث في لبنان في السابق. ويبدو أن نتنياهو لا يملك خطة على المدى البعيد، ولا استراتيجية واضحة للخروج. وربما تكون عودة السكان الإسرائيليين إلى الشمال، مع دفع حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني كما نص على ذلك قرار الأمم المتحدة رقم 1701، كافية لكسبه انتخابات أخرى. أما إذا كان هذا الوضع قابلا للاستمرار من دون احتلال إسرائيلي، فهذه مسألة أخرى.

ولعل النجاح التكتيكي لإسرائيل في تدمير قيادة حزب الله تجعل من الوضع مختلفا اليوم، وأنه لا توجد مخاطر من التورط في مستنقع لبنان. وربما اعتقدت إسرائيل أن نجاحها الاستخباراتي الكبير يزيل خطر المفاجآت العسكرية غير المرغوب فيها. ومع ذلك، لا تزال القوات الإسرائيلية تقاتل في غزة، وقد كثفت الغارات في الضفة الغربية، وضربت أهدافا للحوثيين في اليمن، بما في ذلك الحديدة، الميناء الضروري للمساعدات الإنسانية. ويبدو أن الحوثيين استأنفوا بالفعل هجماتهم على الشحن في البحر الأحمر.

والطريقة الوحيدة لوقف هذه العملية هي وقف شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل. وبدلا من ذلك، لا تزال واشنطن تبرر تدفق الأسلحة مع التظاهر بأنها  تدعم عملية تعرف أنها متهورة وأنها منعت من توسعها. وأخبر نتنياهو الجمعية العامة للأمم المتحدة أن إسرائيل تريد إعادة تشكيل الشرق الأوسط وبناء شراكات وسلام مع جيرانها، إلا أن السعودية وبقية الدول العربية كانت واضحة بأنها لا تستطيع ولن تطبع العلاقات في ظل الظروف الحالية. وليست مستعدة لدعم إسرائيل ضد الصواريخ الإيرانية مرة ثانية.

وقد طالب وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي بمعرفة الغاية النهائية التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقها “بخلاف الحروب والحروب والحروب”. وفي غياب العملية الدبلوماسية، لن يكون هناك حدود حقيقية لهذه الأزمة، بل مجرد صراع خطير وسريع النمو ومفتوح النهاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *