تتصاعد الجهود الدبلوماسية المكثفة بهدف إنقاذ اتفاق غزة المتعثر، مع استضافة كل من مصر وتركيا لمحادثات حاسمة بين الأطراف المعنية. تأتي هذه المساعي بعد اجتماع مماثل في ميامي، الولايات المتحدة، في محاولة لكسر الجمود وتحقيق تقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تهدف إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم وتبادل الأسرى.
تتركز المحادثات الحالية على معالجة العقبات الرئيسية التي تعيق التنفيذ الكامل للاتفاق، وعلى رأسها مسألة جثة الرقيب أول ران غوئيلي، التي تطالب إسرائيل باستعادتها قبل المضي قدمًا في أي ترتيبات جديدة. وتشير التقارير إلى أن الضغوط الأمريكية تتزايد على إسرائيل للقبول بشروط المرحلة الثانية، لكن تل أبيب تسعى إلى استغلال المفاوضات لكسب المزيد من الوقت وتحقيق مكاسب إضافية.
مساعي مكثفة لتفكيك عقبات اتفاق غزة
غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين الإسرائيلي، العميد غال هيرش، على رأس وفد أمني رفيع المستوى إلى القاهرة، وذلك بتوجيه من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حسبما أعلن مكتبه. ركز الوفد في محادثاته مع المسؤولين المصريين والوسطاء الدوليين على الجهود المبذولة لاستعادة جثة غوئيلي، والتي تعتبرها إسرائيل شرطًا أساسيًا لاستئناف المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق.
من جانبها، أكدت حركة حماس أنها سلمت 20 أسيرًا إسرائيليًا أحياء ورفات 27 آخرين منذ بدء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي. لكن الحركة تشير إلى أن العثور على رفات غوئيلي يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين نظرًا للدمار الهائل الذي لحق بقطاع غزة، وأن إسرائيل تماطل في إتمام الصفقة.
بالتزامن مع المحادثات في القاهرة، استقبل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وفدًا قياديًا من حماس برئاسة خليل الحية في أنقرة. ناقش اللقاء آخر التطورات المتعلقة بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتحديات التي تواجه العملية السياسية والميدانية، بالإضافة إلى بحث ترتيبات محتملة لنزع السلاح وإدخال قوات دولية إلى القطاع.
الخروقات الإسرائيلية وتهديدات التصعيد
حذرت حماس من استمرار “الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة” في غزة، معتبرة أنها تهدف إلى “عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة”. وقد اتهم رئيس الوزراء نتنياهو الحركة بالمسؤولية عن إصابة ضابط إسرائيلي في انفجار عبوة ناسفة في رفح، وهو ما نفته حماس، مشيرة إلى أن الحادث وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل.
في سياق متصل، جدد وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس تأكيده على أن بلاده “لن تغادر غزة أبدًا”، وأنها ستقيم “شريطًا أمنيًا” داخل القطاع لحماية المستوطنات. وشدد على أنه يجب على حماس التخلي عن السلاح، وإلا فإن إسرائيل ستتخذ الأمر على عاتقها.
وتأتي هذه التصريحات في ظل تقارير إسرائيلية تفيد بأن نتنياهو يسعى إلى إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بتحديد “خط أصفر” كحدود دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل وحماس، وهو ما يعني احتلال إسرائيل لأكثر من نصف مساحة القطاع.
ويرى خبراء أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يمثلان فرصة حقيقية لدفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول إلى تفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل. لكنهم يحذرون من أن مسألة الرفات الأخير قد تكون مجرد “لعبة” لتحقيق مكاسب من كلا الجانبين، وأن إسرائيل قد تطيل المفاوضات وتضع شروطًا جديدة لعرقلة التنفيذ الكامل للاتفاق.
ويتوقع المراقبون أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع في دخول المرحلة الثانية، لكن هذا قد يظل مجرد كلام نظري، في حين ستواصل تل أبيب المفاوضات المطولة بشأن جدول التنفيذ وشروطه. ويعتبر الضغط الأمريكي هو الفيصل في تحديد مستقبل اتفاق غزة.
في الختام، لا يزال مستقبل اتفاق غزة معلقًا على نتائج المحادثات الجارية والضغوط الدولية. من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيدًا من التطورات، خاصة بعد لقاء نتنياهو وترمب. يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كانت الأطراف المعنية ستتمكن من التغلب على الخلافات وتطبيق الاتفاق بشكل كامل، أم أن الوضع سيعود إلى المربع الأول.
الكلمات المفتاحية الثانوية: الأسرى، وقف إطلاق النار، المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية
