يا عيب الشوم : (حُكم عمل الموظفين يوم الجمعة) !!

محمد الصادق
لا أريد ان أقدم فتوي في الموضوع،
ولكن وددت أن ابين أن مجرد طرق الموضوع يعتبر مصيبة بمعني الكلمة !!
فالآن:
“حكم عمل الموظفين يوم الجمعة”
صار عنوانا مطروحا للاستفتاء والبحث الأكاديمي باعتباره من النوازل !!
لأن بعض الدول أصدرت قوانينا تلزم الموظفين بالعمل يوم الجمعة !!
ونعتقد أن المشكلة في الحقيقة هي عدم إلمام الناس بأهمية الجمعة في الإسلام ولماذا يتعطل فيها العمل ويترك فيها الناس البيع والتجارة وكل بقية أعمال الدنيا مهما كانت .
▪▪▪▪▪
هي فرصة أيضا لنبيّن أن كثيرا من المسائل الخلافية هي في الحقيقة ليست اختلافات أصلا فهناك خلاف مزعوم حول وقت الجمعة
هل هو مثل العيد ام مثل الظهر
لكن لو أننا فقط أُخذنا في الإعتبار حديث القرابين يصبح الأمر في غاية الوضوح :
(مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنابَةِ ثُمَّ راحَ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَن راحَ في السّاعَةِ الثّانِيَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن راحَ في السّاعَةِ الثّالِثَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، ومَن راحَ في السّاعَةِ الرّابِعَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ دَجاجَةً، ومَن راحَ في السّاعَةِ الخامِسَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذا خَرَجَ الإمامُ حَضَرَتِ المَلائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ) .
وكذلك حديث :
(يومُ الجمُعةِ اثِنتا عشرةَ ساعةً، فيها ساعةٌ لا يوجَدُ عَبدٌ مسلِمٌ يسألُ اللَّهَ فيها شيئًا إلا آتاهُ إيّاهُ، فالتمِسوها آخِرَ ساعةٍ عند العصرِ) .
>>> هذا يعني “اعتبار” الشريعة
أن ساعات النهار 12 ساعة
تقريبا من الخامسة ص إلي الخامسة م
أو من السادسة ص إلي السادسة م
وأن صلاة الجمعة تقام
في الساعة الخامسة أو السادسة:
عند الساعة 11:00 أو 12:00
لكن وقت الجمعة
هو منذ الفجر أو الشروق،
وقد ذكر ذلك الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
“فالساعات خمس ما بين طلوع الشمس ومجيء الإمام للصلاة،
وتبتدئ من طلوع الشمس،
وقيل: من طلوع الفجر،
والأول أرجح ؛ لأن ما قبل طلوع الشمس وقت لصلاة الفجر).
إذن فوقت الجمعة يكون من الشروق إلي وقت الظهر وإذن فلا خلاف البتة.
ولكن ماذا يفعل المسلم في كل تلك الساعات الخمس؟؟!!
القرآن أمر المسلمين أن يسعوا يوم الجمعة إلي ذكر الله
وفي الحديث:
(يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ يومَ القيامةِ
سيعلمُ أهلُ الجمعِ من أهل ِ الكرم
ِ فقيل ومن أهلِ الكرمِ يا رسولَ اللهِ
قال مجالسُ الذكرِ في المساجدِ)
وفي حديث آخر:
(ألا أُنبِّئكم بخيرِ أعمالِكم، وأزكاها عند مليكِكم، وأرفعِها في درجاتِك، وخيرٌ لكم من إنفاقِ الذهبِ والوَرِقِ، وخيرٌ لكم من أن تلْقَوا عدوَّكم، فتضرِبوا أعناقَهم، ويضربوا أعناقَكم؟ ذكرُ اللهِ)
وفي حديث اخر:
(… وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ، وَيَتَدارَسُونَهُ بيْنَهُمْ؛ إِلّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ،
وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ،
وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ)
فهذا إذن مجلس علم، والقرآن يسمي نفسه (الذكر) و (ذكر الله):
{ذَ ٰلِكَ نَتۡلُوهُ عَلَیۡكَ مِنَ ٱلۡـَٔایَـٰتِ وَٱلذِّكۡرِ ٱلۡحَكِیمِ}
{وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَیِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَیۡهِمۡ وَلَعَلَّهُمۡ یَتَفَكَّرُونَ}
{فَسۡـَٔلُوۤا۟ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ}
{وَلَـٰكِن مَّتَّعۡتَهُمۡ وَءَابَاۤءَهُمۡ حَتَّىٰ نَسُوا۟ ٱلذِّكۡرَ وَكَانُوا۟ قَوۡمَۢا بُورࣰا}
{لَّقَدۡ أَضَلَّنِی عَنِ ٱلذِّكۡرِ بَعۡدَ إِذۡ جَاۤءَنِیۗ}
{صۤۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ذِی ٱلذِّكۡرِ}
وهناك إشارات عديدة تعلي من شأن العلم وتفيد أنه المقصود ب (ذكر الله):
{شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَـٰۤئكَةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡعِلۡمِ}
{وَكَذَ ٰلِكَ أَنزَلۡنَـٰهُ حُكۡمًا عَرَبِیࣰّاۚ وَلَئنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم بَعۡدَ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا وَاقࣲ}
{بَلۡ هُوَ ءَایَـٰتُۢ بَیِّنَـٰتࣱ فِی صُدُورِ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَۚ}
{وَیَرَى ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ}
{إِنَّمَا یَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَـٰۤؤُا۟ۗ}
{یَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَـٰتࣲۚ}
▪▪▪▪▪
>>> في مقال سابق :
(نصيحة رمضانية : لا تحرك به لسانك)
أوضحنا كيفية التعامل مع القرآن،
وقلنا أنه ليس المطلوب التلاوة والحفظ وإنما الفهم والتدبر إذن (ذكر الله) في سورة الجمعة هو تفهّم القرآن وتدبره من أجل استيعاب أحكامه وتعاليمه ولذلك نعتقد أن الاختلاف المزعوم حول الصلاة أو الجلوس
والإمام يخطب هو خلاف مصطنع
هدفه صرف الأنظار عن ضرورة السعي لطلب العلم منذ الصباح الباكر ليوم الجمعة فلأن طلب العلم فريضة
وتحية المسجد سنة فالأولي الجلوس لطلب العلم فلا يعقل أن يدخل أحد فيصلي والرسول يشرح للناس
ربما أحكام جديدة وآيات نزلت لأول مرة !! .
▪▪▪▪▪
مصيبة أمة الإسلام اليوم هي الجهل بالدين فقد نشأت كهنوتية تدّعي أن علي الشخص فقط أن يتابع شيخا معينا ولا يرهق نفسه بطلب العلم
وانتشرت مقولات خبيثة :
“ادرعها في رقبة عالم وامرق منها سالم”
أو
“من قلّد عالما جاء يوم القيامة سالما”
ومن ثَمّ انتشر الجهل وكثرت النزاعات والاختلافات وصارت أي مسألة بها خلاف والله تعالي يقول :
{أَفَلَا یَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَیۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُوا۟ فِیهِ ٱخۡتِلَـٰفࣰا كَثِیرࣰا}
والأمة الآن تواجه أمرا خطيرا
وهو الإنهيار الأخلاقي وقد قال الأئمة:
“لا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به اولها”
فهذا ما كان يحدث لو أن أفرادها كانوا يتنافسون في طلب العلم علي الأقل يوم الجمعة فيمتثلون لأمر الله
فيسعون لذكر الله خمس أو اربع أو قل ثلاث ساعات في الإسبوع ولهذا عظّم الله ثوابها وجعلها افضل الأعمال:
(فكأنما قرّب بدنة .. بقرة ..) [اسبوعيا]
(ألا أُنبِّئكم بخيرِ أعمالِكم، وأزكاها عند مليكِكم، وأرفعِها في درجاتِكم في الميزان)
(إِلّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ)
(سيعلمُ أهلُ الجمع من أهل ِ الكرم)
فطلب العلم أعظم ثوابا من الصلاة والصيام وحتي الجهاد فالثواب هنا
ثابت بآيات وأحاديث صحيحة
ليست كتلك المرويات الضعيفة
التي زجّت بها (الكرامية) عن فضائل السور وعن تكرار ليلة القدر
هذا علي سبيل المثال لا الحصر.
[[ربما نخصص لهذا مقالا منفصلا]]
لو كان الناس همهم طلب العلم
لما انتشر الظلم والفساد والغش والاحتيال والطمع ولما تواجه مسلمان بسيفيهما ولما كانت كل هذه الفتن والمصائب.
□■□■□■
نذكّر بالدعاء علي الظالمين
فهو دعاء لا شك مستجاب
الذين أخرجوا الناس من ديارهم
بغير حق وسفكوا دماءهم
وانتهكو أعراضهم
وأخذوا حقوقهم
وساموهم سوء العذاب.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة