دعا مسؤول يمني بارز قادة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى تخفيف التوترات والانخراط بشكل بناء في العملية السياسية، وذلك في محاولة لتجنب المزيد من التصعيد الذي يهدد الاستقرار في اليمن. وأكد أكرم العامري، نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة، على ضرورة التخلي عن محاولات فرض الحلول بالقوة والتركيز على الحوار السياسي الشامل، مشيراً إلى أن المجلس الانتقالي لا يزال شريكاً أساسياً في إطار الشرعية اليمنية. هذه الدعوة تأتي في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها اليمنيون.
وأوضح العامري في تصريح خاص، أن العديد من قادة المجلس الانتقالي يمتلكون القدرة على فهم التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه اليمن، بالإضافة إلى المصالح الجيوسياسية المعقدة في المنطقة. وأعرب عن أمله في أن تستجيب قيادة الانتقالي لهذه الدعوات، مما قد يؤدي إلى تحسين ملموس في الأوضاع الاقتصادية والإنسانية المتدهورة في البلاد.
المجلس الانتقالي الجنوبي وشراكة في إطار الشرعية
أكد العامري أن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يزال يعتبر شريكاً سياسياً رئيسياً في إطار الشرعية اليمنية، وهي قناعة راسخة لدى الدولة وقيادتها، بما في ذلك مجلس القيادة الرئاسي. وأضاف أن هذا الاعتراف يأتي على الرغم من الخلافات الأخيرة، ويؤكد على أهمية إبقاء جميع الأطراف اليمنية منخرطة في العملية السياسية.
وشدد على أن قيادة المجلس الانتقالي يجب أن تبادر باتخاذ خطوات عملية نحو تخفيف التوترات، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري، وذلك استجابة للرفض الواسع النطاق للتصعيد من قبل المجتمع الدولي. وأشار إلى أن أكثر من 41 دولة ومؤسسة دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، قد أعربت عن قلقها إزاء هذه التطورات.
ودعا إلى العودة إلى العمل السياسي المشترك القائم على التوافق والشراكة، مع الالتزام بالمرجعيات الأساسية مثل اتفاق الرياض وإعلان نقل السلطة. كما أكد على أهمية الانخراط بجدية ومسؤولية في حوار سياسي شامل برعاية الدولة، لمعالجة جميع القضايا العالقة والتوصل إلى حلول مستدامة.
أهمية الاستقرار في المحافظات الشرقية
تطرق العامري إلى أهمية دعم الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في محافظتي حضرموت والمهرة، ومنع انزلاقهما نحو الفوضى والصراعات. وأشار إلى وجود توافق وطني وإقليمي ودولي واسع النطاق حول هذه القضية، مؤكداً على ضرورة حماية مصالح اليمنيين في هذه المناطق.
وحذر من أن عدم استجابة المجلس الانتقالي لمتطلبات تخفيف التوترات والانسحاب من حضرموت والمهرة قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني والإنساني، وزيادة الاحتقان الداخلي. كما أشار إلى أن ذلك قد يشكل تهديداً لمصالح دول الجوار الإقليمي.
وأكد على أن الدولة ومؤسساتها، وبالشراكة مع الحلفاء، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، ستعمل على إعادة فرض الاستقرار وسلطة القانون في تلك المحافظات، باستخدام جميع الوسائل المتاحة. هذا يشمل دعم قوات درع الوطن لتولي مسؤولية الملفين الأمني والعسكري، وإخراج أي قوات عسكرية أخرى من المنطقة.
التعايش المجتمعي وضرورة الحوار
أشار العامري إلى أن التعايش المجتمعي والسياسي السلمي قد ساد في حضرموت والمهرة منذ عام 2017، على الرغم من الخلافات السياسية. وأضاف أن النسيج المجتمعي لم يتعرض للتهديد إلا بعد التوغل العسكري في المحافظتين في الثاني من ديسمبر الماضي.
وشدد على أن أبناء حضرموت والمهرة لن ينجروا إلى صراع داخلي طالما أن الملف الأمني والعسكري والإداري بقي في أيديهم، بعيداً عن أي تدخل خارجي. وأوضح أن هذا التوجه يفسر الدعم الشعبي لتولي قوات درع الوطن مسؤولية الأمن في تلك المناطق، وإعادة القوات الأخرى إلى مواقعها الأصلية.
المصالحة هي المفتاح لتحقيق الاستقرار الدائم في اليمن، ويتطلب ذلك حواراً بناءً وتنازلات من جميع الأطراف. المجلس الانتقالي الجنوبي يمثل جزءاً مهماً من هذا الحوار، ويجب أن يلعب دوراً محورياً في تحقيق السلام.
من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من الجهود الدبلوماسية والسياسية لحث المجلس الانتقالي الجنوبي على تخفيف التوترات والانخراط في حوار شامل. وستراقب الأطراف المعنية عن كثب تطورات الوضع في حضرموت والمهرة، وتقييم مدى استجابة المجلس الانتقالي لهذه الدعوات. يبقى مستقبل اليمن معلقاً على قدرة الأطراف اليمنية على التوصل إلى حلول سياسية شاملة ومستدامة.
