يخرج الأسير الفلسطيني من سجون الاحتلال بعد شهور من العذاب، فتنتظره أمّه على الباب، تبكي وتفتح ذراعيها، لكنه لا يقترب. لا يعانق ولا يقبّل — لأنه مصاب بمرض جلدي معدٍ (الجرب) انتشر بين الأسرى داخل الزنازين.
في السجون، لا ماء ولا صابون ولا نظافة. تُسحب الملابس والمناشف، ويُمنع الأسرى من الحلاقة أو الاستحمام، فيما يُحشر العشرات في غرف ضيقة لا ترى الشمس.
الأخطر، وفق شهادات الأسرى، أن إدارة السجون تعمّدت نقل المصابين من زنزانة إلى أخرى، في سياسة وُصفت بأنها عقوبة جماعية ممنهجة تهدف إلى نشر المرض بين الجميع.
يخرج الأسرى اليوم محطمين جسديًا ونفسيًا، تغطي أجسادهم الطفوح والجروح، فيما يحملون جرحًا أعمق: أن يقفوا أمام أمّهاتهم وأحبّائهم دون أن يستطيعوا لمسهم خوفًا من نقل العدوى.
إنها جريمة صحية وأخلاقية وإنسانية، تضيف إلى سجل الاحتلال صفحة جديدة من الانتهاكات، وتضع وصمة عار على جبين كل من يلتزم الصمت.