
التحوّل بدأ… وهذه ليست سوى البداية. السعودية تفتح باب الكحول، لكن ليس للجميع. خطوة محسوبة، جريئة، ومحمّلة برسائل تتجاوز شكلها البسيط. فبعدما كان متجر الخمور في الحي الدبلوماسي حكرًا على السفراء والبعثات الأجنبية، بات اليوم مفتوحًا لفئة جديدة: غير المسلمين من حاملي الإقامة المميزة—بهدوء، ومن دون إعلان رسمي، وكأن الرياض تختبر نبض المجتمع قبل أن ترفع الصوت.
هذه الخطوة ليست حدثًا منفصلًا؛ إنها جزء من التحول الكبير الذي تدفعه المملكة وهي تعيد تشكيل صورتها قبل 2030. من بلد يجرّم الكحول إلى دولة تحاول مجاراة أسلوب حياة السياح والمستثمرين في سباق لجذب ملايين الزوار وكسر العزلة السياحية القديمة. ما كان يدخل عبر “الحقائب الدبلوماسية” ويُقدَّم في مناسبات مغلقة، يقترب اليوم من الاعتراف شبه الرسمي.
التخمير المنزلي، الحفلات الخاصة، والمشروبات التي كانت تُقدَّم لكبار الشخصيات خلف الأبواب… كلها خرجت من الظل لتتحول إلى واقع لا يعلن عنه، لكنه لم يعد سرًا. المملكة تمشي على حبل مشدود بين هوية دينية قائمة على التحريم وطموح اقتصادي يريد نسخة سعودية من تجربة دبي—لكن بشروط الرياض، وبإيقاعها الخاص.
التوسع في بيع الكحول ليس تفصيلًا؛ إنه مؤشر على أن السعودية تعيد صياغة نفسها من الداخل، خطوة بخطوة، وبصمت مدروس. فالتحولات الكبرى لا تُعلن بالبيانات، بل تُبنى عبر تغييرات صغيرة، هادئة، لكنها كفيلة بتغيير شكل المملكة كلها خلال سنوات قليلة.
