أصدرت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، تقريرا جديدا يستعرض سلسلة من المبادرات التشريعية التي تقودها حكومة الاحتلال الإسرائيلي في مجال الأراضي، والتي تهدف إلى ضم تدريجي للضفة الغربية، كما يحلل التقرير تأثير هذه الإجراءات على حقوق الملكية وحرية الحركة للفلسطينيين المقيمين في الضفة.
ويركز التقرير على ثلاث خطوات تشريعية رئيسية، جميعها يتم الترويج إليها من قبل وزارة القضاء الإسرائيلية، وتكشف عن توجه واضح: فرض واقع حكم إسرائيلي فعلي في الأراضي المحتلة، من دون إعلان رسمي للضم، مع استمرار طمس الخط الأخضر وتعميق السيطرة الإسرائيلية على الأرض. وتأتي هذه الخطوات ضمن سلسلة طويلة من الممارسات القانونية وغيرها التي تستخدمها إسرائيل للسيطرة على الأراضي في مناطق (ج)، واستيطانها بسكان إسرائيليين وتحويلها إلى مناطق استيطانية: من إعلان أراضٍ دولة، ومصادرة أراضٍ، وإعلان مناطق إطلاق نار ومناطق عسكرية مغلقة، إلى إقامة المستوطنات ونقاط الاستيطان والسيطرة على الأراضي المحيطة بها.
ومن بين الخطوات، أولا قانون التمييز في العقارات: هو اقتراح قانون حكومي يُقدّم على أنه يهدف إلى “منع التمييز في بيع الأراضي”، لكنه في الواقع يسمح لإسرائيليين غير مقيمين في الضفة بشراء الأراضي فيها من دون رقابة، لأغراض ربحية وسياسية. وللمقارنة، حتى في إسرائيل لا يُسمح للأجانب بشراء حقوق ملكية الأراضي. وهذا الإجراء يخالف القانون الدولي وسيؤدي إلى توسيع السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، مما يضر بشكل كبير بحقوق الفلسطينيين في المساواة وحق الملكية.
ثانيا؛ تسجيل الأراضي في الضفة وفق القانون الإسرائيلي: قررت الحكومة الإسرائيلية بدء إجراءات تسجيل ملكية الأراضي في الضفة الغربية، وهي خطوة امتنعت عن اتخاذها عمدًا منذ العام 1967. يتم تنفيذ التسجيل من قبل جهات إسرائيلية ذات أجندة استيطانية واضحة مثل وحدة الاستيطان، ومن المتوقع أن تؤدي هذه الإجراءات إلى مسح حقوق ملكية العديد من سكان الضفة الحاليين والغائبين وهم اللاجئون المقيمون في الدول العربية، الذين لن يتمكنوا من المطالبة بحقوقهم في هذه الإجراءات التي تروّج إليها وتموّلها وزارات إسرائيلية تركز على مصالح إسرائيل في الأراضي المحتلة، لا مصالح وحقوق السكان الفلسطينيين. ويشكل تسجيل الأراضي خطوة ذات تأثيرات دائمة تغير الوضع القانوني على الأرض، وبالتالي فإن القوة المحتلة، التي يفترض أن تحتل الأراضي مؤقتًا، ليست مخولة لاتخاذ مثل هذه الإجراءات.
ثالثا؛ نقل صلاحيات التنفيذ إلى دولة إسرائيل: في اقتراح قانون آخر، تسعى حكومة الاحتلال إلى نقل صلاحيات تنفيذ القانون على أراضي الضفة إلى سلطة أراضي إسرائيل ووحدة التنفيذ التابعة للإدارة المدنية، وهي جهة عسكرية تحت السيطرة المباشرة للحكومة الإسرائيلية. وهنا أيضًا يتم نقل الصلاحيات من النظام العسكري إلى مؤسسات مدنية إسرائيلية، مما يؤدي فعليًا إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي؛ حسبما أوردت جمعية حقوق المواطن بإسرائيل في بيان لها.
وقالت معدة التقرير عن جمعية حقوق المواطن، المحامية رعات شاعر، إن “حكومة الاحتلال تدفع تشريعات تهدف إلى تجاوز القيود التي يفرضها القانون الدولي، لتعميق السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية والاستيلاء على الموارد والأراضي. هذه خطوة خطيرة تدفع الاحتلال نحو واقع نظام فصل عنصري قانوني – نظامان قانونيان، وإرساء إطار قانوني يمنح امتيازات وتفوقًا لشعب على آخر في نفس الأرض”.