قال المُحلِّل الإسرائيليّ البارز والمخضرم، ناحوم بارنيع، “انتهت المراسم: احتفل ترامب في القدس المُحتلّة، واحتفل ترامب في شرم الشيخ. انتهت الحرب رسميًا، التي أنكرت الحكومة الإسرائيلية انتهاءها. تبدأ عملية إعادة التأهيل، أولًا مع الأسرى الأحياء، ثم مع دفن الموتى، وفي المرحلة التالية، كما نأمل، مع الجيش والمجتمع في إسرائيل”.

وتابع في مقالٍ نشره بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة: “ترامب رئيسٌ أمريكيٌّ مختلفٌ تمامًا، من جميع النواحي، فتعامله مع الشرق الأوسط، وفي قلبه الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، يختلف عن أيّ شيءٍ خطط له وفعله أسلافه. فبدلًا من معالجة جذور الصراع، والشحنات العاطفية والعرقية والدينية والأيديولوجية، ومع حرب لا تنتهي على الأرض والسيادة، يبدأ بالمال. المال موجود في دول النفط العربيّة. ثروة هائلة، تفوق الخيال. لماذا تُبددونها على الإرهاب ضد إسرائيل؟ يقول لحكامهم، أنتم تُبددون المليارات لتمويل الإرهاب ضدّ إسرائيل، والأخيرة تزداد قوة. حَيِّدوا الصراع، وستجنون الأرباح”.
ومضى قائلاً: “ترامب يتحدث أيضًا عن المال مع إسرائيل. يمكنكِ جنيْ الكثير من المال من خلال التعامل مع السعودية وقطر والإمارات. لكنّك تنفقين المليارات على الأمن. أليس هذا مؤسفًا؟”.

وشدّدّ المُحلِّل: “لقد عشق ترامب السلام، وهذا أمر جيّد. لقد عشق ترامب حلّ صراعٍ لم يحلّه أحد قبله، وهذا أمرٌ مثيرٌ للاهتمام. أسلحته هي جهله وسطحيته وفظاظته. كان خطابه في الكنيست مُحرجًا، بطوله وثرثرته وتعليقاته اللاذعة عن أسلافه. ترامب هو مُخلّصنا وحمارنا في آنٍ واحد. إنّه النقيض التام لباراك أوباما: مع أوباما، كان الانضباط الذاتيّ رائعًا، اللغة غنية ودقيقة، كلّ كلمةٍ في مكانها الصحيح، مع ترامب، لا يوجد انضباط، اللغة منخفضة بشكلٍ مُحرجٍ، الكلمات الصحيحة مُحاطة ببحرٍ من الكلمات غير الضرورية. لكن أوباما كان في النهاية رئيسًا ضعيفًا ومُنزعجًا، لم يُساهم إلّا في تعميق الصراعات في الشرق الأوسط والإضرار باستقرار الأنظمة هناك”.
وأردف: “يبدو أنّ أسلوب ترامب هو الأفضل. بالنظر إلى المستقبل، يحمل المؤتمر الذي دعا إليه ترامب في شرم الشيخ إمكاناتٍ تاريخيّةٍ، وإمكاناتٌ لم تتحقق بعد. إنّه إشارة البدء لعمليةٍ لا تهدف فقط إلى إعادة إعمار قطاع غزة، بل إلى بناء تحالفٍ شرق أوسطي جديد، بقيادة ترامب”.
ولفت إلى أنّ “إسرائيل ستنضم بشرط أن تُحسِّن التصرف، أيامها كقوةٍ متنمرةٍ حيويةٍ في الجوار، تُواجِه إيران وحزب الله، وحتى حماس، باتت معدودةً. ستُشكِّل أموال النفط العربيّة والقوة العسكريّة الأمريكيّة أساس التحالف الجديد”
علاوة على ذلك، قال: “دُعي أبو مازن إلى هذا الحدث، ويحتاجه الحكام العرب ليُثبتوا للرأي العام أنّ فلسطين لم تُنسَ، ولم تُخَن، وسيظل هذا هو الحال: لن يُعِدّ الفلسطينيون هذه الوجبة، بل سيُطلب منهم منحها ختم الحلال. يمكن لإسرائيل الانضمام إلى العملية، لكن لا أحد يمنحها مكانًا على مائدة الشرف. يجلس ترامب، وحكام السعودية وقطر والإمارات، وأردوغان هناك، الآن، هذه هي التشكيلة الفائزة. كلّ الإطراء الذي انهال على نتنياهو في الكنيست لم يُغيّر صورة الواقع كما يراه ترامب لحظةً واحدة: بيبي بخير، لأنّه قبل بتواضع الصفقة التي فرضتها عليه أنا، ترامب”.
وأضاف: “عندما علم نتنياهو أنّ عبّاس دُعيَ إلى المؤتمر، توسل السفر، لكن عندما أدرك أنّ هناك صورةً تجمعه بأبو مازن قد تفكّك حكومته، توسل البقاء، وجنّد العيد ذريعةً مفاجئةً”.
وتابع: “كل المديح الذي انهال على نتنياهو لم يغيّر صورة الواقع لحظةً واحدة، حسبما يراها ترامب: “بيبي بخير، لأنّه وافق على الصفقة التي أنا، ترامب، فرضتها عليه”. إنّ السلوك الأبوي الذي أبداه ترامب أوضح أنّ نتنياهو لن يتمكن طويلاً من المناورة بين تحالفَين: ذلك الذي يقيمه ترامب، وذاك الذي يقوده سموتريتش وبن غفير”.
وفي ختام مقاله، أوضح: “قال لي أحد الأمريكيين الملمّين بالشخصيات الفاعلة عن قُرب: (إنّ اليوم كان أفضل يومٍ للعلاقات بين ترامب ونتنياهو، أمّا في شرم الشيخ، فستُزرع الألغام في الطريق المقبلة)”.

شاركها.