23 نوفمبر 2025Last Update :

انطلقت في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، اليوم الأحد، أعمال الاجتماع المشترك الـ34 بين مجلس الشؤون التربوية لأبناء فلسطين والمسؤولين عن شؤون التربية والتعليم في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إلى جانب اجتماع مجلس الشؤون التربوية لأبناء فلسطين في دورته الـ92 على التوالي.

وحضر الاجتماع الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة في الجامعة العربية السفير فائد مصطفى، بينما ترأس وفد دولة فلسطين المستشار أول رزق الزعانين، وسكرتير أول ريهام البرغوثي من مندوبية فلسطين لدى الجامعة العربية، إضافة إلى ممثل دائرة شؤون اللاجئين محمد أبو معيلق.

وتأتي أهمية هذين الاجتماعين، اللذين يستمرّان ثلاثة أيام، لما يتضمنانه من استعراض تقارير برامج الأونروا الخاصة بالعملية التعليمية في مناطق عملها الخمس، وإنجازاتها والتحديات التي تواجهها في ظل الأزمة المالية الخطيرة والمتكررة التي أثرت مؤخرًا على أنشطتها. كما يناقشان سُبل التصدي للهجمة الإسرائيلية الشرسة على المناهج في مدارس الأونروا، والتي تستهدف التأثير على مساهمات الدول المانحة، الأمر الذي يهدد قدرة الوكالة على الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها تجاه اللاجئين.

وطالب السفير العكلوك بدعم خطة طوارئ لضمان استمرار العملية التعليمية وتوفير بدائل لوجستية وإسناد مالي عاجل، مؤكدًا أن التعليم في فلسطين ليس مجرد خدمة اجتماعية، بل “معركة وجودية للحفاظ على الهوية والذاكرة الوطنية“.

كما دعا مندوب دولة فلسطين إلى تحرك عربي جماعي لدعم التعليم الفلسطيني على مختلف المستويات، والضغط على المؤسسات الدولية لحماية ولاية الأونروا وضمان استمرار خدماتها التعليمية، بالإضافة إلى إدراج قضايا التعليم الفلسطيني على جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان والمنظمات الدولية ذات الصلة، مطالبًا بتكثيف الجهود لحماية مدارس القدس وضمان استمرارها في أداء رسالتها التربوية رغم محاولات التضييق والإغلاق.

وقال إن قطاع التعليم في فلسطين يمر بمرحلة هي الأصعب في التاريخ الحديث، إذ تتعرض المدارس والجامعات والطلبة والمعلمون لسياسات إسرائيلية عدوانية ممنهجة تمس حقهم الطبيعي في التعليم. وأضاف أن قطاع غزة شهد دمارًا واسعًا في بنيته التحتية، بما في ذلك المؤسسات التعليمية، نتيجة “جريمة الإبادة الجماعية” المستمرة، حيث تحول العديد من مدارس الأونروا إلى مراكز إيواء للاجئين، قبل أن تتعرض للاستهداف المتعمد وتتحول في كثير من الحالات إلى “مقابر للنازحين“.

وأوضح السفير العكلوك أن ربع مليون فلسطيني كانوا ضحايا مباشرين للإبادة الجماعية بين شهيد وجريح ومفقود، وأن عدد الطلبة الشهداء بلغ نحو 19 ألف طالب وطالبة، فيما استشهد أكثر من 1350 من الكوادر التعليمية، وجرح عشرات الآلاف. كما دمّر جيش الاحتلال جزئيًا أو كليًا 509 مدارس وجامعات، بينها أكثر من 100 مدرسة للأونروا، وتم تدمير أكثر من 63 مبنى جامعيًا بالكامل.

وأشار إلى أن القدس، عاصمة دولة فلسطين، تتعرض لمحاولات إسرائيلية ممنهجة لطمس الهوية الفلسطينية عبر استهداف المدارس الوطنية والمدارس التابعة للأونروا، مؤكدًا أن دعم التعليم في القدس هو دعم مباشر للهوية الوطنية الفلسطينية.

كما شدد مندوب فلسطين على أن الاتهامات الموجهة إلى المناهج الفلسطينية، بما فيها مناهج الأونروا، بزعم “التحريض على الكراهية”، لا تستند إلى أي أساس، وتتعارض مع توصية اللجنة الدولية للقضاء على التمييز العنصري رقم (35)، التي تؤكد أن سرد الوقائع التاريخية لا يُعدّ بأي حال خطاب كراهية، ولا يشكل انتهاكًا للمعايير الدولية، مشيرًا إلى أن الرواية الإسرائيلية تستهدف تشويه المناهج لأغراض سياسية.

ولفت إلى أن الضفة الغربية المحتلة تواجه تحديات كبيرة، أبرزها حجز أموال المقاصة الفلسطينية، بما يشكل تهديدًا لاستمرارية دفع رواتب المعلمين وتمويل المدارس، إضافة إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية بأكثر من 1200 حاجز وبوابة عسكرية، الأمر الذي يعطل وصول الطلبة والمعلمين إلى مدارسهم ويقوض حقهم في التعليم.

من جهته، قال الأمين العام المساعد إن استهداف العملية التعليمية كان في صميم مخطط حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، نظرًا لكون التعليم أحد أعمدة صمود الفلسطينيين. وأضاف أن 93% من البنية التعليمية في غزة تعرضت للتدمير، وأن 70% من مدارس الأونروا (200 مدرسة) دُمرت أو تضررت، إلى جانب تدمير 130 مبنى جامعيًا، وحرمان أكثر من 750 ألف طالب وطالبة من مواصلة تعليمهم.

وأشار السفير مصطفى إلى أن الاجتماع يأتي في ظل استهداف متواصل للأونروا بلغ ذروته عبر تشريعات إسرائيلية تهدف لمنع عمل الوكالة في الأراضي التي تحتلها، إلى جانب الاستيلاء على مدارسها في القدس، واستهداف موظفيها ومنشآتها خلال الحرب، ما أدى إلى استشهاد 380 موظفًا وتدمير غالبية منشآتها التعليمية، بالإضافة إلى مشروع قانون لقطع المياه والكهرباء عن منشآت الأونروا.

وأكد أن على الاجتماع مسؤولية كبيرة للخروج بتوصيات تساهم في حماية دور الأونروا، ودعم العملية التعليمية لأبناء الشعب الفلسطيني، وتعزيز صمودهم على أرضهم.

وطالب الأمين العام المساعد المجتمع الدولي بتوفير الدعم السياسي والمالي الكافي للوكالة لتمكينها من الاستمرار في تقديم خدماتها الأساسية في مناطق عملياتها الخمس وفق التفويض الأممي، مشددًا على أنه “لا غنى عن الأونروا ولا بديل عنها”، خصوصًا في جهود إعادة إعمار قطاع غزة.

وأكد أن الجامعة العربية ستواصل دعمها للأونروا كعنوان للالتزام الدولي تجاه قضية اللاجئين الفلسطينيين، حتى الوصول إلى حل عادل وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، مع الحرص على تطوير قنوات العمل المشترك بين الطرفين.

وتشارك وفود الدول العربية المضيفة — الأردن، دولة فلسطين، لبنان، مصر — إضافة إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة، في الاجتماعين، فيما يمثل الأونروا مدير التعليم ومدير تنسيق برنامج التعليم.

ويُعدّ الاجتماع المشترك بين مجلس الشؤون التربوية والأونروا من أهم قنوات التعاون بين الجامعة العربية والوكالة في مجال التعليم.

شاركها.