14 ديسمبر 2025Last Update :
– ألغت المحكمة العليا الإسرائيلية يوم الأحد، بإجماع كامل وفي هيئة موسّعة من سبعة قضاة، قرارَي الحكومة المتعلّقَين بتغيير آلية إنهاء ولاية المستشار القضائي للحكومة، وإقالة المستشارة القضائية، غالي بهاراف ميارا، وقرّرت أنها تواصل شَغل منصبها قانونيًا بكل ما يترتّب على ذلك.
وقضت المحكمة ببطلان القرار الحكومي الذي قضى بتعديل آلية إنهاء ولاية المستشار القضائي، بما ألغى إلزام الحكومة بالتشاور مع لجنة مهنية عامة، وبطلان القرار اللاحق الذي استند إلى هذا التعديل لإقالة المستشارة القضائية، معتبرة أن القرارين شابتهما عيوب إجرائية جوهرية تستوجب إلغاءهما.
وشددت المحكمة على أن حكومة بنيامين نتنياهو لم تكن مخوّلة قانونيًا باتخاذ قرار إقالة المستشارة القضائية وفق الآلية الجديدة، من دون التوجّه مسبقًا إلى اللجنة المختصة، كما ينصّ عليه النظام القائم، مشددة على أن تغيير آلية إنهاء الولاية أو الإقالة تمّ بشكل مخالف للأصول.
وبيّنت المحكمة أن الأساس القانوني المنظّم لتعيين وإقالة المستشار القضائي للحكومة يعود إلى قرار الحكومة رقم 2274 الصادر عام 2000، والذي استند إلى توصيات لجنة شمغار، التي حذّرت من ترك صلاحيات التعيين والإقالة بيد المستوى السياسي وحده، وأوصت بفرض إلزامية التشاور مع لجنة مهنية مستقلة.
وأشارت المحكمة إلى أن هذا القرار نظّم تركيبة اللجنة، وألزم الحكومة بالتشاور معها سواء عند تعيين المستشار القضائي أو عند بحث إقالته، بهدف ضمان استقلاليته المهنية وعدم خضوعه لسلطة الحكومة في أداء مهامه.
وأوضحت المحكمة أن القرارين الحكوميين خالفا صراحة توصيات لجنة شمغار والآلية المعتمدة منذ أكثر من عقدين. ففي حزيران/يونيو 2025، أقرّت الحكومة قرارًا ألغت بموجبه شرط التشاور مع اللجنة المهنية، واستعاضت عنه بلجنة وزارية داخلية مؤلّفة من وزراء فقط.
وبعد ذلك، وفي آب/أغسطس 2025، فعّلت الحكومة هذا التعديل بشكل فوري، وقرّرت إنهاء ولاية المستشارة القضائية، استنادًا إلى توصية اللجنة الوزارية، من دون أي تشاور مهني مستقل.
وقد قُدّمت ضد القرارين ستة التماسات إلى المحكمة العليا، طعنت في قانونيتهما، مشيرة إلى عيوب إجرائية وجوهرية. ودعمت المستشارة القضائية نفسها موقف الملتمسين، وطالبت بإلغاء القرارين.
في المقابل، امتنعت الحكومة عن تقديم ردّ تمهيدي في الموعد، ولم تودِع إفادة مفصّلة، كما لم يحضر أي ممثل عنها جلسة المحكمة التي عُقدت في الأول كانون الأول/ ديسمبر الجاري، ما دفع المحكمة إلى الفصل في القضية استنادًا إلى المواد المكتوبة فقط.
وأبرزت المحكمة أن قرار تعديل آلية الإقالة أُقرّ بـ”إجراءات متسرّعة خلال أربعة أيام فقط، من بينها يومَا عمل، من دون عمل تحضيري منظّم، ولا قاعدة وقائعية أو قانونية كافية، ولا تشاور مع جهات مهنية، ولا بحث بدائل أخرى”.
وشددت على أن “هذا المسار يشكّل انحرافًا حادًا عن النهج المهني العميق الذي اعتمدته لجنة شمغار، ويقوّض الضمانات التي تهدف إلى الحفاظ على استقلالية المستشار القضائي”.
كما أشارت المحكمة إلى أن “تعديل الآلية جرى بأثر رجعي، بعد أن أعلنت الحكومة علنًا نيتها إقالة المستشارة القضائية، في خطوة اعتبرتها المحكمة محاولة لتجاوز ‘عائق‘ اللجنة”.
وخلصت المحكمة إلى أنه، ما دام قرار تعديل آلية الإقالة باطلًا، فإن القرار الذي استند إليه لإقالة المستشارة القضائية باطل بدوره تلقائيًا، دون الحاجة حتى إلى بحث العيوب الإضافية التي شابت قرار الإقالة نفسه.
وأكدت أن غالي بهاراف–ميارا تواصل شَغل منصبها كمستشارة قضائية للحكومة بصورة قانونية، وأن أي إجراء أحادي من شأنه المسّ بمكانتها أو صلاحياتها أو طريقة عملها، استنادًا إلى قرار الإقالة الملغى، يتعارض مع حكم المحكمة.
وفي ختام القرار، تطرّقت المحكمة إلى طلبات قُدّمت بموجب أوامر ازدراء المحكمة، على خلفية شبهات خرق أوامر احترازية صدرت عنها من قبل الحكومة، وأكدت أن ما ورد فيها “يثير قلقًا بالغًا”، مشددة على أن سيادة القانون تسري على الجميع، بما في ذلك سلطات الدولة وأجهزتها.