قال الدكتور أسامة قابيل، أحد علماء الأزهر الشريف، إن من أخطر ما يهدد استقرار المجتمع ويمس قيمه الدينية هو التعدي على خصوصية الحياة الزوجية، مشددًا على أن من ينشر أسرار بيته أو يتحدث بما يقع بينه وبين زوجه، يُعد من أشرّ الناس عند الله يوم القيامة.
وأوضح الدكتور قابيل أن الزواج في الإسلام ليس مجرد علاقة بين رجل وامرأة، بل هو ميثاق إلهي عظيم، وصفه الله تعالى في كتابه الكريم بقوله: «وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا»، مؤكدًا أن هذا العهد الرباني يستوجب صيانة كاملة من أي خرق أو انتهاك، لأنه يقوم على المودة والرحمة والستر، لا على الفضائح والإفشاء.
وأشار إلى أن الحياة الزوجية في جوهرها قائمة على الأمانة، وأن كشف أسرارها خيانة لهذه الأمانة العظيمة التي كرّمها الله ورفع شأنها، مضيفًا أن الله سبحانه وتعالى جعل من الزواج آية من آياته في قوله: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا»، أي أن النسب والصهر من تجليات القدرة الإلهية، ومن يعبث بهما فقد اعتدى على قدسية الميثاق الإلهي نفسه.
وشدد الدكتور قابيل على أن نشر خصوصية الزوجين أو تسريب ما يدور بينهما يُعتبر جريمة دينية وأخلاقية واجتماعية، تستوجب العقوبة والمحاسبة، ليس فقط أمام القانون، ولكن أمام الله عز وجل أيضًا، لأن في ذلك إهانة صريحة للقيم الأسرية التي أراد الإسلام الحفاظ عليها.
وأكد أن الحديث النبوي الشريف يحسم هذا الأمر تمامًا، حيث قال النبي ﷺ:
«إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِندَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»، رواه مسلم.
موضحًا أن هذا الحديث يُبيّن مدى قبح هذا الفعل عند الله، وأن من يرتكبه يسقط في دركٍ أخلاقي خطير يُغضب الخالق ويفسد المجتمع.
وأضاف أن المجتمع كله مسؤول عن مواجهة مثل هذه الأفعال المشينة، سواء بالتوعية أو بالردع القانوني، لأن تركها دون حساب يفتح الباب أمام انهيار القيم، وضياع خصوصية البيوت التي هي لبنة المجتمع الأساسية.
وختم الدكتور قابيل بدعاء مؤثر قائلاً: «اللهم يا ستّار العيوب، احفظ بيوتنا من الفتن، واجعلها عامرة بالمودة والرحمة، وصُن أسرار الأزواج كما حفظت ميثاقهم الغليظ، ومن أراد نشر الفتنة أو كشف الستر فاكفنا شره، واسترنا بسترك الجميل في الدنيا والآخرة، إنك وليّ ذلك والقادر عليه».
