اخبار

إضعاف السلطة الفلسطينية ثم التذرع بضعفها

19 فبراير 2025Last Update :

إضعاف السلطة الفلسطينية ثم التذرع بضعفها

– الكاتب: باسم برهوم – من الصعب أن يتخيل المرء كم هي الأطراف، ومدى حجم الماكينات الإعلامية، على مختلف أنواعها التي عملت على امتداد أكثر من عقدين من أجل إضعاف مكانة السلطة الوطنية وتشويه صورتها، والغريب في الأمر انه مهما كانت هذه الأطراف متناقضة فيما بينها، وعلى مختلف مشاربها وأجنداتها، إلا أنها تتفق على بند واحد هو إضعاف السلطة الوطنية، وجعلها تبدو عاجزة أمام شعبها وفي نظر العرب العالم. وما يتفق عليه كل هؤلاء، مبدأ استخدام ذريعة ضعف السلطة، عند كل استحقاق سياسي يرتبط بمستقبل الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، وبهذا، وفي كل المحطات يجتمع كل من ساهموا وكان لهم دور بشكل أو آخر في إضعاف السلطة الوطنية، على استخدام ذريعة ضعفها كسلاح ضدها وضد مصالح الشعب الفلسطيني، وكأنها، أي السلطة الوطنية هي من أضعف نفسها.

قد يخطر ببال القارئ أن صاحب المقال مصاب بالعماء. أو أن هدفه إخفاء عيوب ونواقص السلطة الوطنية الفلسطينية، لكن وبالرغم من إدراك هذه العيوب، فإنها ليست هي السبب الرئيس في إضعاف السلطة الوطنية، فالعامل الخاص الذاتي، على اهميته، كان العامل الأقل تاثيرا. السؤال هنا لماذا تم ويتم إضعاف السلطة بهذا الشكل المكثف، وما الهدف منه؟ في المحصلة ومهما تنوعت الأسباب وتعددت الاطراف، فإن إضعاف السلطة، يمثل هدفا إسرائيليا مركزيا بشكل عام، وهدفا مصيريا ووجوديا بالنسبة لليمين المتطرف الإسرائيلي الصهيوني. ومن دون شك أن اطرافاَ إقليمية ودولية، كانت تقوم بإضعاف السلطة الوطنية خدمة لإسرائيل ولهذا اليمين المتطرف تحديدا، او انها تقوم بذلك لتقدم اوراق اعتمادها للولايات المتحدة الأميركية، والتبرع للقيام بأدوار قذرة لا تريد واشنطن ذاتها القيام بها مباشرة.

هناك أطراف قد تكون غير متورطة في هذه الخدمات القذرة، وإنما أرادت استخدام القضية الفلسطينية لتعزيز حضورها الاقليمي والدولي، وبما أنهم لا يستطيعون لعب هذا الدور عبر القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، التي ترفض أن تسلم قرارها الوطني لأحد، فقد تولدت لهم مصلحة بشرذمة الشعب الفلسطينيوأخذ قطعة أو أكثر منه ليناوروا بها.

كيف عملت كل هذه الأطراف على إضعاف السلطة وبأية طرق وأساليب؟


اقرأي أيضاً| غزة المنكوبة وحماس المنتصرة؟!


البداية مع الطرف الإسرائيلي صاحب المصلحة الإستراتيجيةبإضعاف السلطة الوطنية، والذي يمثل المشروع المركزي لليمين المتطرف الصهيوني، والذي يعتبر الموضوع بالنسبة له مسألة وجودية، وهو ذات اليمين الذي رفض قطعيا اتفاقية أوسلو بكل ما فيها من مضامين، والاساس ان يكون للشعب الفلسطيني سلطة خاصة به، او كيان سياسي له على ارضه، التي يعتبرها هذا اليمين انها “أرض إسرائيل”، كما رأى هذا اليمين بوجود السلطة عائقا يحد من اطماعه التوسعيةعبر الاستيطان، لذلك قاوم أوسلو بكل الأساليب، وفي السباق قام باغتيال رئيس الوزراء إسحاق رابين، الذي اعتبره هذا اليمين بانه صاحب فكرة الاتفاق مع منظمة التحرير الفلسطينية. وعندما فاز هذا اليمين في انتخابات ربيع العام 1996 بزعامة نتنياهو بدأ بتقويض الاتفاق بشكل واسع وإضعاف السلطة وعودة التوسع الاستيطاني (بدأها بمستوطنة جبل ابو غنيم عام 1997) ومارسه على نطاق واسع، كما عرقل مراحل الانسحاب المنصوص عليها في الاتفاق. وكانت الاداة الاهم لهذا اليمين المتطرف والفاشي في مخطط إضعاف السلطة وتقويضها ومنع قيام دولة فلسطينية هو استخدامه لحماس، سواء في البدايات باستغلال عملياتها التفجيرية في الشوارع داخل إسرائيل، ولاحقاوبعد انقلاب حماس العسكري في القطاع، والذي بدأ معه الاستخدام الفعلي والأهم بهدف الابقاء على الانقسام، وفصل قطاع غزة عن الضفة ومنع قيام الدولةالفلسطينية. وبالتزامن مع كل ذاك كان يتم محاصرة السلطة سياسيا وماليا، ويتم بالمقابل تزويد حماس بالمال.

اما الأطراف الاخرى، الدولية بعضها وبعضها الاقليمية، وفي مراحل عدة كانت شريكا في إضعاف السلطة، التي كانت شريكة لليمين المتطرف الإسرائيلي في إطالة عمر الانقسام الفلسطيني، بحجة انهم تلقوا الأوامر من واشنطن ومن تل أبيب، لقد كان اضعاف السلطة الفلسطينية هدفا مركزيا لهم لتغطية على انخراطهم الوقح المالي والسياسي والاعلامي في إضعاف السلطة وتعميق الانقسام الفلسطيني. ولعب دور الشيطان في الوساطات المشبوهة، باستخدام دبلوماسية الشيكات المقيتة.

ومن الواضح ان اداة كل هؤلاء كانت حماس دون منازع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *