شرعت السلطات الإسرائيلية، يوم الاثنين، في هدم مبنى سكني مكون من أربعة طوابق في القدس الشرقية، مما أدى إلى تهجير أكثر من 100 فلسطيني. يأتي هذا الهدم بحجة عدم وجود تراخيص بناء، في خطوة أثارت إدانات واسعة النطاق من قبل الفلسطينيين والمنظمات الحقوقية. وتعتبر هذه الحادثة تصعيداً في سلسلة الإجراءات الإسرائيلية المثيرة للجدل في المدينة المحتلة، وتزيد من حدة الأزمة السكنية التي يعاني منها الفلسطينيون.

أدانت محافظة القدس التابعة للسلطة الفلسطينية الهدم، واصفة إياه بأنه جزء من “سياسة ممنهجة من التهجير القسري” تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للمدينة. وذكرت مصادر أمنية أن الآليات الإسرائيلية بدأت في هدم المبنى في حي سلوان، بالقرب من البلدة القديمة، وسط انتشار أمني مكثف.

هدم المباني في القدس الشرقية: تصاعد التوترات

يأتي هدم المبنى السكني في سياق أوسع من عمليات الهدم التي تنفذها إسرائيل في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين. وتستند هذه العمليات عادةً إلى عدم وجود تراخيص بناء، وهو أمر يواجه الفلسطينيون صعوبات كبيرة في الحصول عليه من قبل البلدية الإسرائيلية. تعتبر هذه القضية من القضايا الرئيسية التي تؤجج التوتر في المنطقة.

وقال عيد شاور، أحد سكان المبنى المهدم، إن عملية الهدم كانت مفاجئة ومروعة. وأضاف أنه لم يتم السماح للعائلات بإخراج أثاثهم وممتلكاتهم، وأنهم اضطروا إلى مغادرة المبنى وهم يحملون فقط الأوراق والوثائق الضرورية. وأكد شاور أن عائلته المكونة من سبعة أفراد لا تملك مأوىً حالياً.

ورصدت وكالة الصحافة الفرنسية ثلاث حفارات تعمل على هدم المبنى، بينما كانت النساء والأطفال يراقبون المشهد بحسرة وألم. وقالت إحدى السيدات وهي تشير إلى غرفة نومها: “هذه كانت حياتي”.

أزمة السكن في القدس الشرقية

يعاني الفلسطينيون في القدس الشرقية من أزمة سكن حادة، حيث يواجهون قيوداً صارمة على البناء والتوسع. وتشير الإحصائيات إلى أن البلدية الإسرائيلية تمنح تراخيص بناء للفلسطينيين بنسبة ضئيلة جداً مقارنة بالزيادة السكانية، مما يدفع العديد منهم إلى البناء بشكل غير قانوني لتلبية احتياجاتهم السكنية.

وتعتبر منظمات حقوق الإنسان أن سياسة الإسرائيليين في مجال التخطيط والبناء في القدس الشرقية تمييزية، وأنها تهدف إلى تقليل عدد الفلسطينيين في المدينة. وتؤكد هذه المنظمات أن الحق في السكن هو حق أساسي من حقوق الإنسان، وأن إسرائيل ملزمة باحترام هذا الحق.

وفي بيان مشترك، أعربت منظمتان حقوقيتان إسرائيليتان، “عير عميم” و”بمكوم”، عن قلقهما العميق إزاء هدم المبنى. وأشارتا إلى أن العملية بدأت “دون إنذار مسبق”، وقبل ساعات من اجتماع كان مقرراً بين محامي العائلات ومسؤول في بلدية القدس لمناقشة إمكانية تسوية أوضاع المبنى. وأكدتا أن هذا الهدم يمثل “أكبر عملية هدم” نفذت في القدس خلال عام 2025 حتى الآن.

وردت بلدية القدس الإسرائيلية على الانتقادات بالقول إن المبنى “بُني دون ترخيص”، وإن “أمر هدم قضائياً سارٍ ضد المبنى منذ عام 2014”. وأضافت أن الأرض المقام عليها المبنى “مصنفة لأغراض الترفيه والرياضة”، وليست مخصصة للسكن. هذا التبرير لم يهدئ من غضب الفلسطينيين والمنظمات الحقوقية.

إخطارات بالإخلاء في بيت لحم ومخيم جنين

بالتزامن مع هدم المبنى في القدس الشرقية، أخطرت القوات الإسرائيلية عائلات فلسطينية بوقف البناء وإخلاء خمسة منازل في شرق بيت لحم ومخيم جنين بالضفة الغربية. وبحسب وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، فإن الإخطارات صدرت بحجة عدم وجود تراخيص بناء.

وفي مخيم جنين، أفادت مصادر محلية بأن القوات الإسرائيلية بدأت في فتح شوارع جديدة وهدم المباني، مما أدى إلى تغيير الجغرافيا الديموغرافية للمخيم. وتشير تقديرات إلى أن إسرائيل هدمت حوالي 40% من مخيم جنين منذ بداية العام الحالي.

من المتوقع أن تستمر عمليات الهدم والإخلاء في القدس الشرقية والضفة الغربية في ظل استمرار النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ويراقب المجتمع الدولي عن كثب هذه التطورات، ويحث إسرائيل على احترام حقوق الفلسطينيين ووقف سياساتها التي تعتبرها تمييزية وغير قانونية. وستكون ردود الفعل الدولية ومحاولات الوساطة هي المحور الرئيسي للأحداث القادمة.

شاركها.