16 يوليو 2025Last Update :
– الكاتب: باسم برهوم – ما الذي يخافه الفاشيون الصهاينة من أيمن عودة، ولماذا أرادوا كسره وإبعاده عن الكنيست وعن الحياة السياسية؟
أيمن عودة، المولود في حيفا، مدينة التعايش كما يطلق عليها في إسرائيل، اكتشف السر الذي يشكل هوية الشخص في واقع كواقع حيفا، والواقع في بلد فيه روايتان تتصارعان كخطين مستقيمين لا يلتقيان، في بلد فيه هيمنة كاملة لطرف على الآخر. اكتشف أيمن عودة أن الأصل والحالة هذه أن نتمسك بالهوية الوطنية الخاصة، وربط هذا التمسك بأفكار تتيح له التعايش مع الآخر. والحق بالمساواة معه. باعتبار أنه وهم جميعا مواطنون في الدولة ذاتها. ما يخيف الفاشيين الصهاينة أن أيمن صاغ هويته وأدواته بطريقة لا يمكن وصفها لا بالتطرف ولا التعصب أو العنصرية وأنها هوية يمكن أن تتلاقى مع الآخر المؤمن حقا بالديمقراطية.
ما يجعل أيمن عودة هدفا لهؤلاء الفاشيين أنه إنسان عصري ديمقراطي حيوي ونشط وله كاريزما ويؤمن بالتعايش حتى النخاع، وبالتالي هو نقيضهم الحقيقي، فهم مجموعة من المتعصبين الذين لا يؤمنون بالآخر، بل لا يريدون وجوده من أساسه. هم يرون في أيمن خطرا على مشروعهم التوسعي العنصري، لأنه وبالرغم من تمسكه الذي لا يلين بهويته الوطنية، وأهداف شعبه. وبالتحديد بهدف إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووجود دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل، فإنه مناضل من أجل تعزيز الديمقراطية في المجتمع الإسرائيلي، الديمقراطية التي تقود للمساواة والحق بالمواطنة، مع تأكيده المستمر أن الشعب الفلسطيني هو شعب أصيل في هذه الأرض.
في خطابه الذي ألقاه في جلسة للكنيست، التي تشبه ليلة الكريستال. أوضح أيمن عودة من هو بصلابة، وأثناء تعريفه لنفسه قال أنا عربي فلسطيني أنا لست شيئا طارئا في هذه البلاد، أنا أصيل ابن هذه الأرض، أطالب بالمساواة وأناضل من أجلها بالأساليب الديمقراطية، أؤمن بالآخر وبالتعايش معه، أن نحصل أنا وهو على نفس الفرص. وبما يتعلق بعلاقة شعبه مع الشعب اليهودي، قال أيمن إن المشكلة هي الاحتلال الإسرائيلي، متى انتهى الاحتلال يكون السلام، وقال إن الحرب على قطاع غزة يجب أن تتوقف فورا.
اقرأ|ي أيضاً| لجنة الكنيست البرلمانية تؤيد اقصاء النائب أيمن عودة
لقد كانت المواجهة بين إنسان عصري ديمقراطي يؤمن بالتعايش مع تمسكه الذي لا غبار عليه بهويته، وهذا من حقه الطبيعي. وبين مجموعة فاشية حاقدة لا يمكن إلا أن تكون نقيضا للديمقراطية، في تلك اللحظة كانت كل إسرائيل أمام امتحان إما أن تتحول إلى دولة فاشية لا تؤمن بالقدرة على الحوار، أو أن تحافظ على ادعائها بأنها دولة ديمقراطية. أيمن المتمرس بالسياسة الإسرائيلية، والمناضل في أصعب وأعقد الظروف بقي متماسكا صلبا مدركا أن إسرائيل ليست في وارد أن تفقد الآن ورقة التوت الديمقراطية.
ما يمكن أن يقال وقد أنجز العرب الفلسطينيون داخل الخط الأخضر عبر فشل الفاشيين في إبعاد أيمن عودة أن المسرح السياسي، هو أن نقرأ هذه الشخصية جيدا وأن نرى فيها نموذجا للوعي الوطني الحقيقي، وللوطنية المنفتحة على الآخر دون أي تماهٍ معه. هدف تحقيق المساواة يستحق كل ذلك، وأن هذا الهدف لن يتحقق عبر الانسحاب السلبي من الحياة السياسية، وإنما بالمشاركة الفاعلة والنشطة.
هزيمة الفاشيين في موقعة لا تعني أنهم انتهوا، لا نزال في أول الطريق الصعب الطويل. والخلاص من التطرف والتعصب هو أمر مفيد للجميع وهي الرسالة التي أراد ايمن عودة إيصالها للمجتمع اليهودي قبل غيره، فالشعب الفلسطيني قد يكون هو الضحية الأبرز لهؤلاء الفاشيين، ولكن إن رجحت كفتهم ستكون النهاية التراجيدية لإسرائيل ذاتها قريبة جدا.