«أبو شهاب» يحدّثكم من الحارة…«الجديدة»!
وجد روّاد مواقع التواصل الاجتماعي في مسلسلات البيئة الشاميّة وفي طليعتها مسلسل «باب الحارة» الملجأ الأمثل للتعليق على مسار الأحداث التي شهدتها سوريا وأبرزها سقوط النظام، إذ حافظ السوريون على حسّ الفكاهة عبر ربط الواقع المعاش بمقتطفات ولقطات من المسلسل الشهير. منذ عرض جزئه الأول في عام 2006، تغلغل «باب الحارة» بشخصياته في المجتمع العربي. ويندر أن تجد من لم يحاول تقمّص شخصية من شخصيات المسلسل أو استخدام تعابير مستلّة من العمل في حياته اليوميّة. دخل المسلسل إلى كل بيت، ومنه إلى الأحداث المعاشة في الواقع، في مختلف الدول والقطاعات. من السياسة إلى الاقتصاد والثقافة والرياضة، ستجد شخصاً ما على وسائل التواصل الاجتماعي يعلّق على التطورات باقتباس من «باب الحارة».
مع ذلك، فالملاحظات كثيرة حول المسلسل، من حبكته وكيفية تصويره المجتمع الشامي وسكانه ومغالطاته التاريخية وحتى استخدامه في أجزاء عدة لإيصال رسائل سياسيّة معيّنة أثارت حفيظة كل من مؤيدي النظام السابق ومعارضيه على السواء، وخصوصاً منذ اندلاع الثورة عام 2011. بعد احتفاء الإعلام الموالي به لسنوات، تعرض المسلسل لانتقادات حادة وصلت إلى حد اتهامه بأنه من المتسببين بالثورة، إذ وصفته صحيفة «تشرين» عام 2014 بأنه «لعنة شامية على الدراما السورية». أما صحيفة «الثورة»، فاعتبرت عام 2014 أنه يقدّم «مجتمعاً نمطياً ويمارس تشويهاً تاريخياً»، قبل أن تعود وتتهمه في عام 2015 بأنه يسوّق لـ «التطبيع». علماً أن واحدة من أبرز التهم التي سيقت للمسلسل كانت اتهامه بالترويج في حلقاته للعلم الذي اعتمدته «الثورة» السورية. على المقلب الآخر، اتهم معارضو النظام المسلسل بأنه تعمّد في أجزائه «تشويه صورة الثورة» وتمرير رسائل سياسيّة تحذّر عبره من الفكر الديني المتطرف، إلى حد السخرية من اللحية ووصفها في أحد الأجزاء بـ «مكنسة الجامع».
ومع سقوط نظام «البعث»، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بصور وفيديوهات عن «باب الحارة». وأسهم في هذا الانتشار أيضاً ظهور فيديو للممثل سامر المصري المعروف بشخصية «أبو شهاب» في المسلسل وهو يتوجه باكياً إلى أمه بالقول «انتظريني يا أمي، أخيراً أستطيع رؤيتك بعد 14 عاماً. مبروك يا سوريا، وعاشت أياديكم يا أبطال». وكان المصري قد انتقد المسلسل عام 2017، معتبراً أنه «يكتب في أروقة النظام السوري». كذلك، ظهرت فيديوهات أخرى منها للممثل وائل شرف المعروف بشخصية «معتز» وهو «يبارك للثورة نجاحها بانتزاع سوريا من الغاصب والنظام الوحشي»، رغم أن انتقادات عدة طالته بأنه كان من مؤيدي النظام، فيما انبرى آخرون لتبرير اضطرار كثيرين إلى الدفاع عن النظام خوفاً من البطش.
وبرز فيديو للممثل نزار أبو حجر المعروف بشخصية «أبو غالب» وهو محاط بمجموعة من فصائل المعارضة في دمشق وهو يردد معهم ضاحكاً جملته الشهيرة في المسلسل «بليلة بلبلوكي، بالليل سلقوكي وبالنهار باعوكي…». ومن المقاطع التي تم تداولها مقطع لـ «أبو جودت» (الممثل زهير رمضان) الذي أدى دور رئيس المخفر الفاسد، وهو نائم في الكركون ويستيقظ مذعوراً على صوت إطلاق رصاص وهجوم، فيسارع إلى طلب المؤازرة عبر الهاتف. وشبّه الروّاد المشهد بحال آمري السجون والعناصر لحظة تحرير السجون على يد فصائل المعارضة. هكذا، توالت التشبيهات والمشاهد والصور التي ربطت بين المسلسل والواقع، وواصل السوريون حسّ فكاهتهم كأنّنا بها تعويذة تقيهم من حالة اللايقين التي تسيّج يومياتهم.