آيزنكوت.. هل هو من سيغيّر خريطة المشهد السياسي في”إسرائيل”؟

يبرز غادي آيزنكوت كرقم صعب في المشهد السياسي الإسرائيلي، مع تصاعد شعبيته داخل حزب “المعسكر الوطني” وخارجه. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن ترؤسه للحزب قد يُحدث تحولاً كبيراً في المشهد السياسي، إذ يحظى بدعم شريحة واسعة من ناخبي الوسط واليسار. وسواء أدرك ذلك أم لا، أو اعترف بذلك بينه وبين ذاته، أم أنكر، يعدّ رئيس حزب “المعسكر الوطني”، بني غانتس، في مأزق، والسبب أن “المصوّتين ملّوا منه، وشخصيته تبددت”. الحال كذلك بالنسبة لصديقه وخصمه في الوقت ذاته، زعيم المعارضة الصهيونية، ورئيس حزب “هناك مستقبل”، يئير لبيد.
فلبيد الذي تشكل كتلته اليوم 24 مقعداً، تركه كثير من ناخبيه و”نزحوا” إلى حزب “الديمقراطيين” (الكتلة المؤلفة من حزبي العمل وميرتس المصنفين على يسار الخريطة السياسية الإسرائيلية). أمّا في حالة غانتس، فالمصوّتون يتدفقون إلى حزب يميني مفترض أن يُشكله رئيس حكومة الاحتلال الأسبق، نفتالي بينت.
ما تقدّم هو خلاصة تقرير أوردته صحيفة معاريف، حول الانحدار الذي تواجهه القيادة الإسرائيلية البديلة، على مستوى شعبيتها وشعبية أحزابها. أمّا الفارق الوحيد بين لبيد وغانتس، فيتمثل في أن ناخبي الأوّل يتسرّبون إلى حزب قائم بالفعل، بينما ناخبي الثاني يتسرّبون إلى حزب مفترض أن يُشكل في حال جرت انتخابات كنيست مبكرة، وهو ليس قائم حقًا اليوم.
أزمة لبيد، كما تستعرضها الصحيفة، هو أن “هناك مستقبل” الذي يقوده يخلو من شخصيات ذات ماضٍ عسكري. وما سبق هو مكوّن حاسم في مجتمع ينزح أكثر فأكثر نحو اليمين وتُشكل الشخصيات العسكرية جزءاً أساسياً من سلوكه وخياره الانتخابي. وبحسبها، فإنه يتعيّن على لبيد تجنيد قوّات جديدة – أو شخصيات ذات ماضٍ عسكري – بإمكانها منافسة نائب رئيس هيئة الأركان سابقاً، يائير غولان، الذي يرأس اليوم حزب “الديمقراطيون”.
أمّا غانتس الذي كان رئيس هيئة أركان، ووزير أمن سابق، والذي “لسع” زميله في الحزب نفسه، رئيس هيئة الأركان سابقاً، غادي آيزنكوت، في وقت سابق من الأسبوع عندما قال في مؤتمر إنه “أنا من أسس الحزب (المعسكر الوطني) وأنا من سيستمر في قيادته”، فيتعيّن عليه المحافظة على آيزنكوت الذي فقد نجله في الحرب. والسبب أن آيزنكوت، بحسب الصحيفة، يتمتع بشعبية أكثر منه، لا في قلب الحزب الذي يجمعهما بل بين مكوّنات المجتمع الإسرائيلي وناخبي الأحزاب الأخرى، وبمقدوره أن يحفظ الأصوات التي تصب في صالح الكتلة ويحول دون أن تصب في صناديق ثانية.
وطبقاً لنتائج اطلعت عليها الصحيفة وتتعلّق باستطلاعات رأي بشأن الانتخابات وهي تنشر تباعاً منذ بدء الحرب، وآخرها استطلاع أجراه “مماد” (المؤشر) الذي ينشر استطلاعات رأي حول مواضيع مختلفة في إسرائيل، تبيّن أنه لا مشكلة لدى غانتس في مصوّتي حزبه، فقد حصل على نسب متقاربة مع آيزنكوت على مستوى مؤشر الثقة؛ حيث تبيّن أن (86%) من ناخبي المعسكر الوطني يثقون بغانتس كقائد لهذا الحزب، و(83%) يثقون بآيزنكوت.
من جهة ثانية، فإن الحزب المفترض أن يُشكله بينت، 44% من ناخبيه قد يمنحون أصواتهم لـ”المعسكر الوطني” إذا ما كان آيزنكوت رئيساً لقائمة الأخير، وكذلك الحال بالنسبة لـ45% من ناخبي “يسرائيل بيتنا” الذي يتزعمه أفيغدور ليبرمان، إضافة إلى 64% من ناخبي “الديمقراطيين”، فيما 76% من ناخبي حزب “هناك مستقبل” قد يمنحون أصواتهم لآيزنكوت.
وتعني هذه النتائج أن ثلاثة من أصل أربعة ناخبين لحزب “هناك مستقبل”، واثنين من أصل ثلاثة من “الديمقراطيين”، ونحو نصف الناخبين المحتملين لـ”إسرائيل بيتنا”، ومثلهم لحزب بينت اليميني المفترض، قد يصوّتون لـ”المعسكر الوطني” في حال ترأسه آيزنكوت، وهو ما قد يفضي إلى تغيير الخريطة السياسية في أحزاب الوسط و”اليسار” جذرياً.
خطوة كهذه، كما تخلص الصحيفة، قد تنهي فرص “هناك مستقبل” في أن يصبح حزباً ذا كتلة مؤثرة في المشهد السياسي الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه تنتج ثلاث كتل متقاربة من حيث الجحم وهي “الليكود” الذي يتزعمه رئيس حكومة الاحتلال الحالي بنيامين نتنياهو، والحزب اليميني المفترض أن يُشكله بينت، و”المعسكر الوطني”، في حالة تزعمه آيزنكوت. من جهة ثانية، فإن الأحزاب الأخرى، مثل “الديموقراطيين”، و”يسرائيل بيتنا” التي تتزايد شعبيتها في استطلاعات الرأي ستعود إلى قوّتها الحقيقية وتخسر من مقاعدها التي تنالها تباعاً في الاستطلاعات.