كتب سيد متولي
07:00 م
19/11/2025
هل فكرت يوما أن هناك نهرا واحدا يعبر عشر دول؟، يمتد نهر الدانوب من الغابة السوداء في ألمانيا إلى البحر الأسود، وهو أحد أبرز الممرات المائية في أوروبا، والنهر الذي يعبر دولا أكثر من أي نهر آخر على وجه الأرض.
لا يُضاهيه أي نهر آخر في امتداده
فهو يتدفق عبر عشر دول، هي: ألمانيا، النمسا، سلوفاكيا، المجر، كرواتيا، صربيا، بلغاريا، رومانيا، مولدوفا، وأوكرانيا، ما يجعله ممرًا طبيعيًا بين المناطق والثقافات وقرون من التاريخ، بحسب تايمز أوف إنديا.
بطول 2860 كيلومترًا، يُعدّ ثاني أطول نهر في أوروبا بعد نهر الفولجا، ولكن من حيث تأثيره العابر للحدود، لا يضاهي نهر الدانوب.
وتبدأ رحلة النهر في دوناوشينجن، حيث يلتقي جدولان صغيران، بريج وبريجاش، ليشكلا أول مجرى له.
ومن هناك، ينعطف نهر الدانوب شمالًا شرقًا ثم جنوبًا شرقًا، مارًا بالأراضي الزراعية والغابات والمدن الكبرى، ومن أبرز ما يميزه أنه النهر الرئيسي الوحيد في العالم الذي يمر بأربع عواصم: فيينا في النمسا، وبراتيسلافا في سلوفاكيا، وبودابست في المجر، وبلغراد في صربيا.
والأهم من ذلك، أن هذه المدن نمت حول منحنيات النهر، مستمدةً الثروة والأمن من طرق التجارة وإمدادات المياه المستقرة، وعلاوة على ذلك، فالنهر لم يمر عبر حدودهم فحسب، بل ساهم في تشكيل تطورهم ولا يزال يرسخ هويتهم.
ولقرون، كان نهر الدانوب محور صراعات القوة والإمبراطوريات الأوروبية، ففي العصور القديمة، شكّل نهر الدانوب الحدود الشمالية للإمبراطورية الرومانية، حيث كان يحرس بكثافة كحاجز طبيعي وطريق للنقل.
وفي وقت لاحق، شهدت ضفافه نشوء حصون ومدن مرتبطة بالدولة العثمانية في البلقان وعائلة هابسبورج الملكية في أوروبا الوسطى، ولا تزال آثار هذه العصور باقية في صورة قلاع وأسوار محصنة وآثار معمارية فخمة تطل على مياه النهر البطيئة الجريان.
وبحلول أوائل العصر الحديث، تطور نهر الدانوب ليصبح شريانًا تجاريًا مشتركًا، بدأت معاهدات الملاحة بالظهور منذ القرن السابع عشر، ما مكّن التجار والدول من نقل البضائع عبر الحدود.
وتُوجت روح التعاون هذه لاحقًا بتأسيس لجنة الدانوب عام 1948، التي أُنشئت لتنظيم الملاحة وضمان حرية المرور لجميع الدول المشاطئة، يمتد تأثير النهر إلى ما هو أبعد من مجرد مياه مجراه الرئيسي.
يغطي حوض الدانوب حوالي 817,000 كيلومتر مربع، ويمتد إلى تسع دول إضافية، ويجمع المياه من جبال الألب والكاربات والسهول الشاسعة.
يغذيه أكثر من 300 رافد، بما في ذلك أنهار رئيسية مثل درافا وسافا وتيسا، وتشكل هذه الروافد مشهدًا طبيعيًا متنوعًا على طول مجرى الدانوب، حيث الأراضي الرطبة تزخر بالحياة البرية، والوديان الخلابة، والأراضي الزراعية الخصبة، وأحد أغنى الموائل الطبيعية في أوروبا.
في طرفه الشرقي، تقع دلتا نهر الدانوب، التي تشترك فيها رومانيا وأوكرانيا، وهي منطقة مُعترف بها من قِبل اليونسكو ومعروفة بتنوعها البيولوجي الاستثنائي، على مر القرون، تراكم النهر كميات كبيرة من الطمي في البحر الأسود، ما أدى إلى توسع الدلتا تدريجيًا، ووفر بيئةً مناسبةً لمئات أنواع الطيور والأسماك.
ولا يزال نهر الدانوب اليوم أساسيًا للتجارة، لا سيما منذ اكتمال قناة مايندانوب، التي تربطه بنهر الراين، وصولًا إلى بحر الشمال، يتيح هذا الربط الشحن البري المتواصل من أوروبا الغربية إلى البحر الأسود، كما تستفيد مشاريع الطاقة الكهرومائية، مثل سد البوابة الحديدية بين رومانيا وصربيا، من طاقة النهر، على الرغم من التحديات المستمرة التي يفرضها التلوث الصناعي والزراعي.
تعمل برامج الحفاظ على البيئة الآن على استعادة النظم البيئية وتحسين جودة المياه، ما يضمن استمرار نهر الدانوب في دعم التجارة والتنوع البيولوجي.
وعلى الصعيد الثقافي، ألهم النهر الموسيقى والفن والأدب عبر الأجيال، وأشهرها مقطوعة “الدانوب الأزرق” ليوهان شتراوس، فهو، إلى جانب كونه معلمًا جغرافيًا، يبقى خيطًا موحدًا للدول التي يلمسها، رابطًا راسخًا عبر الحدود واللغات والتاريخ.
أقرأ أيضًا:
قبل تتويج خليفتها.. 16 صورة ومعلومات عن آخر ملكة جمال في الكون
الاستئصال الجزئي للكلية.. ما هي دواعي العملية التي خضع لها تامر حسني؟
3 أبراج تفشل في العلاقات والحب.. هل برجك منهم؟
6 علامات في البول تستدعي زيارة الطبيب فورا
4 علامات تحذيرية لسرطان عنق الرحم.. لا تتجاهليها
