شهد مقر وزارة الداخلية المصرية بالقاهرة تحولاً كبيراً، من مبنى رمزي يثير الرهبة إلى مجمع ترفيهي متكامل. هذا التحول، الذي بدأ بالفعل مع نقل الوزارة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، يمثل جزءاً من خطة حكومية أوسع لإعادة استغلال الأصول المملوكة للدولة وتحقيق عوائد اقتصادية. ويأتي هذا التغيير في ظل سعي مصر لتعزيز قطاع السياحة وجذب الاستثمارات.
أعلنت وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية المصرية عن تفاصيل مشروع تطوير المقر السابق لوزارة الداخلية في قلب القاهرة، والذي يهدف إلى تحويله إلى وجهة متكاملة للترفيه والسياحة. وقد تفقد وزير الاستثمار، حسن الخطيب، موقع العمل الأربعاء الماضي، لمتابعة سير العمليات الجارية.
تحويل مقر وزارة الداخلية: مشروع الصندوق السيادي
يعد هذا المشروع من أهم مبادرات الصندوق السيادي المصري، الذي يركز على إعادة استغلال أصول الدولة غير المستغلة. ويهدف الصندوق إلى تحقيق أقصى استفادة من هذه الأصول، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص. ويهدف المشروع إلى خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي.
وفقاً لبيان صادر عن مجلس الوزراء المصري، فإن المجمع الجديد سيضم فندقاً فاخراً تديره شركة ماريوت العالمية، بالإضافة إلى شقق فندقية، ومركز إبداع، ومساحات مكتبية وإدارية، ومتاجر متنوعة، ومرافق ترفيهية متكاملة. كما سيشمل المشروع مساحات مخصصة للبرامج والأنشطة الثقافية، مما يجعله وجهة جاذبة للسياح والمقيمين على حد سواء.
أهداف المشروع وتأثيره الاقتصادي
يهدف المشروع إلى إعادة إحياء منطقة وسط القاهرة، التي تتمتع بتاريخ عريق وأهمية ثقافية. ويعتمد المشروع على الحفاظ على الطابع المعماري والتاريخي للمنطقة، مع تقديم تجربة عصرية متميزة للزوار. ومن المتوقع أن يوفر المشروع حوالي 3 آلاف فرصة عمل مباشرة و10 آلاف فرصة عمل غير مباشرة.
بالإضافة إلى ذلك، يهدف المشروع إلى جذب استثمارات أجنبية جديدة إلى مصر، وتعزيز مكانة القاهرة كوجهة سياحية عالمية. ويعتبر هذا المشروع جزءاً من جهود الحكومة المصرية لتنويع مصادر الدخل وتحقيق التنمية المستدامة. ويشمل الموقع سبيل شريف باشا التاريخي، مما يضيف قيمة ثقافية وأثرية للمشروع.
وتشير التقديرات إلى أن المشروع سيتضمن 364 غرفة فندقية، و35 وحدة تجارية، ومساحات إدارية وترفيهية تبلغ 20 ألف متر مربع. ومن المقرر الانتهاء من المشروع في النصف الأول من عام 2027.
رؤية مستقبلية لوسط القاهرة
لا يقتصر مشروع تطوير مقر وزارة الداخلية على هذا المبنى وحده، بل يشمل أيضاً خططاً لتطوير مباني وزارات أخرى في منطقة وسط القاهرة، مثل مباني العدل، والتربية والتعليم، والإسكان. تهدف هذه الخطط إلى تحويل وسط القاهرة إلى منطقة حيوية ومتكاملة، تجمع بين الأنشطة التجارية والثقافية والترفيهية.
ويرى خبراء العقارات أن هذه المشاريع ستساهم في زيادة قيمة الأراضي والعقارات في منطقة وسط القاهرة، وجذب المزيد من الاستثمارات. كما ستساعد في تحسين جودة الحياة للمقيمين في المنطقة، وتوفير فرص عمل جديدة.
أكد وزير الاستثمار أن الصندوق السيادي يركز على تعظيم العائد من أصول الدولة، وليس على بيعها. ويهدف الصندوق إلى تحقيق أقصى استفادة من هذه الأصول، بما يعزز من ميزانية الدولة ويحفظ حقوق الأجيال القادمة. ويعتبر هذا النهج جزءاً من استراتيجية الحكومة المصرية لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.
وتشهد مصر حالياً طفرة في قطاع السياحة، حيث استقبلت البلاد نحو 15.7 مليون سائح في عام 2024، وفقاً لبيانات مجلس الوزراء. وتتوقع الحكومة المصرية زيادة هذا الرقم في عام 2025، خاصة بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.
من المتوقع أن يشهد المشروع المزيد من التطورات في الأشهر القادمة، مع استمرار العمليات الإنشائية والتجهيزات اللازمة. وستشهد المنطقة المحيطة بالمشروع تحسينات في البنية التحتية، لتلبية احتياجات الزوار والمقيمين. وستراقب الحكومة المصرية عن كثب سير العمل في المشروع، لضمان تحقيق أهدافه في الوقت المحدد.
