09:00 م
السبت 09 أغسطس 2025
كتب محمود عبده:
منذ يوليو 2025، سجلت مقاطعة قوانجدونج في جنوب الصين أكثر من 7،000 حالة إصابة مؤكدة بفيروس شيكونغونيا، في أكبر تفش مسجل لهذا الفيروس على الأراضي الصينية حتى الآن، وفقا لما أفاد به موقع Contagion Live.
فوشان.. بؤرة التفشي
في مدينة فوشان، التي تعد الأكثر تضررا من التفشي، اتخذت السلطات إجراءات صارمة، من بينها إلزام جميع المرضى بالبقاء في المستشفى لمدة لا تقل عن سبعة أيام أو حتى التأكد من سلبية نتائج الفحوص، كما أضيفت ناموسيات إلى أسرة المرضى لمنع انتقال العدوى عبر البعوض، الناقل الأساسي للفيروس.
ووفقا للدكتور سيزار لوبيز كاماتشو من جامعة أكسفورد، فإن “ما يميز هذا التفشي هو أنه الأول من نوعه في البر الرئيسي للصين، ما يشير إلى غياب المناعة المجتمعية المسبقة لدى السكان، وبالتالي سهولة انتشار الفيروس“.
انتشار سريع في مدن متعددة
بحلول أوائل أغسطس، كانت 12 مدينة على الأقل داخل المقاطعة قد أبلغت عن حالات إصابة، مع تسجيل قرابة 3،000 حالة جديدة خلال أسبوع واحد فقط، كما رصدت أول حالة في هونغ كونغ، لطفل يبلغ من العمر 12 عاما عاد مؤخرا من فوشان.
رغم حدة الانتشار، أكدت السلطات الصحية أن الغالبية العظمى من الحالات كانت خفيفة، حيث تعافى أكثر من 95% من المرضى في غضون أسبوع، إلا أن القلق العام تزايد، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعرب المستخدمون عن مخاوفهم من المضاعفات طويلة الأمد، لا سيما آلام المفاصل المزمنة.
جهود مكثفة لاحتواء الانتشار
في إطار الاستجابة السريعة، أطلقت السلطات المحلية حملة واسعة لمكافحة ناقلات المرض، دعت خلالها السكان إلى التخلص من أي مصادر للمياه الراكدة مثل الأواني المنزلية وصواني النباتات، وأعلن أن المخالفين قد يتعرضون لغرامات تصل إلى 10،000 يوان “حوالي 1،400 دولار أمريكي“.
كما استعانت السلطات بأساليب مبتكرة، شملت نشر أسماك تتغذى على يرقات البعوض، واستخدام طائرات مسيرة لرصد تجمعات المياه، إلى جانب إطلاق بعوض معقم يعرف بـ”بعوض الفيل” للمساعدة في خفض أعداد الحشرات الناقلة من خلال التنافس مع نظيراتها.
من هو فيروس شيكونغونيا؟
فيروس شيكونغونيا هو عدوى فيروسية تنقل عبر لسعات البعوض، خصوصا الزاعجة المصرية والزاعجة المنقطة، وتشمل أعراضه الشائعة الحمى الحادة وآلام المفاصل المنهكة، وقد تستمر هذه الآلام لأسابيع أو حتى سنوات في بعض الحالات. ولا ينتقل الفيروس من شخص لآخر.
رغم تشبيه البعض هذا التفشي بجائحة كوفيد19، يشير اء إلى فروقات جوهرية؛ فالفيروس لا ينتقل عبر الهواء أو المخالطة العرضية، كما أن معدل انتشاره “R₀” أقل بكثير من معدل انتشار فيروس سارسكوف2.
لقاح جديد للتصدي للفيروس
في عام 2023، منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية “FDA” موافقة معجلة على لقاح IXCHIQ، أول لقاح بجرعة واحدة للوقاية من شيكونغونيا لدى البالغين المعرضين لخطر مرتفع، وجاءت الموافقة بناء على نتائج المرحلة الثالثة من دراسة سريرية أظهرت قدرة اللقاح على تحفيز استجابة مناعية قوية.
لكن لا يوصى باللقاح للأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة أو أولئك الذين لديهم حساسية تجاه مكوناته، كما أبلغ عن آثار جانبية شائعة، منها الصداع والتعب وآلام العضلات والمفاصل، بينما ظهرت لدى نسبة صغيرة أعراض شديدة وطويلة الأمد.
وبما أن تأثير اللقاح على النساء الحوامل لا يزال غير واضح، توصي الجهات الصحية بموازنة مخاطر التعرض للفيروس مقابل المخاطر المحتملة على الجنين عند اتخاذ القرار بشأن التطعيم.
تحديات بيئية
تظهر النماذج الوبائية المستندة إلى تفشيات سابقة في جزيرة ريونيون وإيطاليا أن معدل التكاثر الأساسي للفيروس يتراوح بين 3 و4، وبينما لا يرقى إلى مستويات فيروسات الجهاز التنفسي مثل كوفيد19، فإن هذا المعدل يعبر عن قدرة ملحوظة على الانتشار في ظروف مناخية ملائمة وكثافة بعوض مرتفعة.
ويؤكد خبراء أوروبيون أن معدلات الانتقال تعتمد بشكل كبير على العوامل البيئية وسلوك ناقلات المرض، ما يجعل من الضروري الاعتماد على بيانات دقيقة لرصد انتشار البعوض، مع ضرورة تبني نمذجة متكاملة لضمان استجابة فعالة ومبنية على الأدلة.