كشفت أحدث الأبحاث والتوصيات الغذائية عن أهمية الحد من استهلاك السكر، وتحديداً السكريات المضافة، لما لها من تأثيرات سلبية على الصحة. يواجه الكثيرون صعوبة في كبح الرغبة في تناول الحلويات، ولكن خبراء التغذية يقدمون مجموعة من الاستراتيجيات البسيطة والعملية للمساعدة في تقليل هذه الرغبة وتحسين الصحة العامة.
وتشير الدراسات إلى أن الإفراط في تناول السكريات يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري من النوع الثاني، بالإضافة إلى مشاكل صحية فموية كالتسوس وأمراض اللثة. وتتزايد الأدلة التي تربط الرغبة الشديدة في تناول السكر بعوامل متعددة، بما في ذلك التقلبات في مستويات الجلوكوز في الدم، والضغوط النفسية، وعدم كفاية النوم.
طرق بسيطة لكبح الرغبة في تناول السكر
لتجنب هذه المخاطر، توصي منظمات الصحة العالمية والجمعيات الطبية المتخصصة بتقليل استهلاك السكريات المضافة. على سبيل المثال، توصي جمعية القلب الأمريكية بأن لا تتجاوز السكريات المضافة 6% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية للنساء و9% للرجال. ويعتبر هذا التحديد خطوة أساسية نحو الحفاظ على صحة أفضل.
أحد أهم الاستراتيجيات للتحكم في الرغبة في السكر هو تجنب الحميات الغذائية القاسية والمقيدة للغاية. فالأنظمة الغذائية التي تحرم من العديد من الأطعمة قد تؤدي إلى تفاقم الرغبة في تناول الحلويات لاحقاً، مما يزيد من احتمالية الإفراط في تناولها. بدلاً من ذلك، ينصح الخبراء باتباع نظام غذائي متوازن ومرن يسمح بتناول كميات صغيرة من الحلويات بشكل دوري دون الشعور بالذنب.
تنظيم مستويات السكر في الدم
تلعب السيطرة على مستويات السكر في الدم دوراً حاسماً في الحد من الرغبة في السكريات. يمكن تحقيق ذلك من خلال اختيار الأطعمة ذات “المؤشر الجلايسيمي” المنخفض إلى المتوسط، والتي تساهم في تعزيز الشعور بالشبع لفترة أطول. تشمل هذه الأطعمة الحبوب الكاملة مثل الشوفان والأرز البني والكينوا، بالإضافة إلى البقوليات كالعدس والحمص والفاصوليا.
أهمية البروتين والألياف
الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالبروتين والألياف يعتبر أيضاً وسيلة فعالة للحد من الرغبة في السكر. تساعد هذه العناصر الغذائية، الموجودة في أطعمة مثل البيض والدجاج والعدس والشوفان، على إبطاء عملية الهضم وزيادة إفراز هرمونات الشبع، مما يقلل من الحاجة إلى تناول الوجبات الخفيفة أو الحلويات بين الوجبات الرئيسية. كما أن التركيز على الأطعمة الكاملة غير المصنعة يساهم في تحسين الصحة العامة وتقليل الرغبة في تناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية الفارغة.
النوم والتوتر وعلاقتهما بالسكريات
لا يقل أهمية النوم عن التغذية في تنظيم مستويات السكر في الدم والتحكم في الرغبة في تناول السكريات. تشير الدراسات إلى أن قلة النوم تؤثر سلباً على استقلاب الجلوكوز وتزيد من الميل لتناول الأطعمة السكرية. لذلك، يوصى بالحصول على ما لا يقل عن سبع ساعات من النوم الجيد كل ليلة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التوتر إلى تحفيز هرمونات الجوع ومراكز المكافأة في الدماغ، مما يدفع إلى تناول السكريات بكميات كبيرة. يمكن الحد من تأثير التوتر من خلال ممارسة الرياضة بانتظام أو الانخراط في الأنشطة المريحة التي تساعد على الاسترخاء.
بدائل صحية للسكريات
بالإضافة إلى الاستراتيجيات السلوكية والغذائية، ينصح الخبراء باستبدال العادات الغذائية غير الصحية بعادات أفضل بشكل تدريجي. على سبيل المثال، يمكن استبدال الحلوى التقليدية بالفواكه الطازجة أو التوت مع القليل من الشوكولاتة الداكنة بعد العشاء. كما يمكن الاستعاضة عن المشروبات الغازية بالمياه الفوارة المنكهة بعصائر الفاكهة الطبيعية.
تتوفر أيضاً العديد من البدائل الصحية للسكريات الشائعة، مثل التمور المحشوة بزبدة اللوز وقطع صغيرة من الشوكولاتة الداكنة. يمكن أيضاً تحضير “آيس كريم صحي” من الفواكه المجمدة مثل الموز أو التوت. إضافة عصير الليمون أو الكرز الطبيعي إلى المياه الفوارة يعتبر خياراً منعشاً وصحياً لتقليل استهلاك السكر.
تستمر الأبحاث في استكشاف طرق جديدة لفهم العلاقة المعقدة بين السكر والرغبة الشديدة فيه. من المتوقع أن تصدر المزيد من التوصيات الغذائية المستندة إلى الأدلة العلمية في المستقبل القريب، مع التركيز على أهمية التوعية بالتأثيرات الصحية السلبية للإفراط في تناول السكر وتشجيع تبني عادات غذائية صحية ومستدامة. يجب على الأفراد أيضاً مراقبة استجابات أجسامهم المختلفة لأنواع السكر المختلفة، والعمل مع أخصائيي التغذية لتطوير خطط غذائية مخصصة تلبي احتياجاتهم الفردية.
