يواصل الفنان والشاعر الراحل صلاح جاهين إلهام الأجيال الجديدة في مصر والعالم العربي، حيث أُحييت ذكرى مسيرته الإبداعية مؤخرًا بعرض فني متميز على المسرح القومي في القاهرة. استضاف العرض، الذي أقيم الأربعاء، مجموعة من الفنانين الذين قدموا حكيًا وغناءً مستوحى من أعمال صلاح جاهين، مُعيدين إحياء “ضحكة مصر” التي اشتهر بها.
نظم المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية هذا الاحتفال بالتزامن مع ذكرى ميلاد الفنان الكبير، وشهد حضورًا جماهيريًا لافتًا. تضمن العرض فقرات متنوعة من أغاني وأفلام وأعمال الشاعر والرسام، مما يعكس مدى تأثيره العميق في الثقافة المصرية.
صلاح جاهين.. موهبة فنية متعددة الأوجه
يُعتبر صلاح جاهين (1930-1986) من أبرز رموز الإبداع في مصر، حيث ترك بصمة واضحة في مجالات الشعر، والكاريكاتير، وكتابة الأغاني، والسيناريو. تغنى بأشعاره كبار الفنانين، مثل عبد الحليم حافظ وسعاد حسني وعلي الحجار، مما ساهم في انتشارها وتأثيرها الواسع.
اشتهر جاهين بشكل خاص بأغانيه الساخرة والاجتماعية التي تناولت قضايا الحياة اليومية بأسلوب بسيط ومؤثر. بالإضافة إلى ذلك، كان رسام الكاريكاتير الموهوب الذي عمل في مجلتي “صباح الخير” و”الأهرام”، حيث قدم رسومات تعبر عن الواقع المصري بصدق وروح دعابة.
إحياء أعماله الخالدة
ركز العرض على استعادة أعمال جاهين الشهيرة، مثل أوبريت “الليلة الكبيرة” الذي يعتبر من أهم الأعمال الموسيقية في تاريخ مصر، وأفلام “شفيقة ومتولي” و”صغيرة على الحب” و”خلي بالك من زوزو”. كما تضمن العرض تقديمًا لرباعياته التي تتميز بجمال اللغة وعمق المعنى.
وصف المخرج عادل حسان الاحتفالية بأنها جزء من جهود المركز القومي لإحياء ذكرى رموز الفن المصري وتسليط الضوء على إسهاماتهم. وأضاف أن الإقبال الجماهيري الكبير على العرض يعكس استمرار تأثير صلاح جاهين وقدرته على التواصل مع مختلف الأجيال، وفقًا لبيان صادر عن وزارة الثقافة المصرية.
لم يقتصر دور صلاح جاهين على الشعر والكاريكاتير، بل قدم أيضًا أدوارًا صغيرة في بعض الأفلام السينمائية، مثل “شهيدة الحب الإلهي” و”لا وقت للحب” و”المماليك” و”اللص والكلاب”. كما قام بكتابة المسلسل التلفزيوني “هو وهي” الذي حقق نجاحًا كبيرًا في فترة عرضه.
الناقد الفني أحمد السماحي أشاد بدور صلاح جاهين في إثراء الفن المصري، واصفًا إياه بـ “الأسطورة الخالدة”. وأكد السماحي أن جاهين كان رائدًا في مجالات متعددة، وأن موهبته الاستثنائية يصعب تكرارها. وأضاف أن الاحتفاء بذكراه هو تعبير عن الوفاء لما قدمه جيل العظماء الذي ينتمي إليه.
شهد العرض مشاركة فنانين بارزين، مثل هبة سامي وخالد محروس ومحمود الزيات ومصطفى عبد الفتاح، الذين قدموا قراءة فنية وإنسانية لتجربة صلاح جاهين الإبداعية. رافق الأداء الغنائي الفرقة الموسيقية للمركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، بإشراف الدكتورة رانيا عمر وقيادة المايسترو الدكتور أحمد ماهر.
من بين الأغاني التي أُعيد تقديمها في العرض، أغاني من أفلام “أميرة حبي أنا” و”خلي بالك من زوزو” و”شفيقة ومتولي”، بالإضافة إلى أغاني غناها له عبد الحليم حافظ وسعاد حسني وسيد مكاوي وعلي الحجار. تعد هذه الأغاني جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية للمصريين.
من المتوقع أن يستمر المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية في تنظيم فعاليات مماثلة لتكريم رموز الإبداع المصري. وتشير التوقعات إلى إمكانية تحويل هذا العرض إلى عمل مسرحي دائم يُعرض على المسرح القومي بشكل منتظم. وستظل أعمال صلاح جاهين مصدر إلهام للأجيال القادمة من الفنانين والمبدعين.
وتشمل الكلمات المفتاحية الثانوية المستخدمة في المقال: الفن المصري، الأغنية الساخرة، الكاريكاتير.
