هل تدفع جنوب إفريقيا غانا إلى الابتعاد عن الحياد في ملف الصحراء المغربية؟

صدر بيان مشترك بين غانا وجنوب إفريقيا، عقب انتهاء الدورة الثانية من اللجنة الوطنية الثنائية بين البلدين المنعقدة بجنوب إفريقيا، يتضمن اثني عشر بندا، فيما اتفق البلدان في البند العاشر على “تكثيف الدعم للصحراء الغربية من أجل تقرير المصير والحرية والعدالة”.
وفي وقت تُعد هذه المواقف، حسب المحللين، غير مستغربة حين تصدر عن جنوب إفريقيا فإنها قد طرحت الكثير من الأسئلة حول مشاركة غانا للموقف الذي تضمنه البيان المشترك، لاسيما أنها عُرفت، على مدى عقود، بـ”الحياد” تجاه ملف الصحراء المغربية.
ويرى أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية، أن مشاركة غانا في هذا البيان “ما لم تتبعها خطوات أخرى معادية للوحدة الترابية للمملكة المغربية فإنها قد تدخل في باب المجاملة الدبلوماسية تجاه مضيفها الجنوب إفريقي، الذي أصبح يشكل إلى جانب حليفته الجزائر الثنائي المعادي للمغرب في المحافل الدولية”.
وأضاف نور الدين ضمن تصريح لهسبريس: “لا بد أن نستحضر أن غانا كانت من بين الدول 28 التي وقعت في يوليوز 2016 على رسالة تدعو رئاسة الاتحاد الإفريقي إلى تجميد عضوية الكيان الوهمي في تندوف داخل المنظمة الإفريقية، وهو الموفق الذي أكده الرئيس الغاني الحالي، الذي بدا داعما لمغربية الصحراء خلال الزيارة التي قام بها العاهل المغربي إلى غانا سنة 2017”.
ومع ذلك، نبه الخبير ذاته إلى أنه “لا يجب أن نغيّب الحقيقة الصارخة المتمثلة في أنه ما لم يقم المغرب باتخاذ مبادرة دبلوماسية لطرد ‘جمهورية تندوف’ من الاتحاد الإفريقي فإنه سيظل موضوعا للابتزاز، من طرف الدول الضعيفة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية والجزر في المحيطات التي تغير مواقفها كلما تغيرت رياح الدعم بالبترودولار الجزائري”.
من جانبه، أشار بوسلهام عيسات، باحث في الدراسات السياسية والدولية، إلى أن “طريقة صياغة البند العاشر الذي تضمن هذه الإشارة بصرف النظر عن العناصر الأخرى التي يرتبط بها يلاحظ أنها حيثية من الحيثيات التي أدرجت على مضض وتم إقحامها من قبل جنوب إفريقيا، لاسيما أنها التي استضافت الدورة، بغرض خلق نوع من التوتر على مستوى العلاقات، على غرار ما تقوم به الجزائر بمنطقة الساحل لعرقلة التعاون المغربي الموريتاني، وانخراطها في مبادرة ولوج دول الساحل إلى الأطلسي”.
وأضاف عيسات، في حديث لهسبريس، أنه “يلاحظ أن هذا البند جاء مباشرة بعد البند التاسع الذي تضمن تبادل وجهات النظر حول القضية الفلسطينية، مع الدعوة إلى وقف إطلاق النار وفتح المجال أمام المساعدات الإنسانية وتسوية تفاوضية على أساس حل الدولتين، مع إدراج عبارة وبالمثال «Similarly»، وكأن البلاغ يريد أن يجعل القضية الفلسطينية وقضية الصحراء في الدرجة نفسها، وهو الخطاب الذي تتبناه جنوب إفريقيا والجزائر معاً لمعاداة المغرب”، وزاد مستنتجا: “لذلك يفهم من هذا البند أنه محاولة من قبل جنوب إفريقيا لدس السم في العلاقات المغربية الغانية”.
وخلص الخبير ذاته إلى أن “جنوب إفريقيا تحاكي التعامل الجزائري مع دول شمال القارة ودول الساحل بالسعي إلى الوقوف ضد أي مبادرة مغربية ترمي إلى النهوض بالمنطقة، عبر استثمار رصيد علاقاتها مع محور الدول الأنجلوسكسونية لتمرير عقيدتها وسياستها المعادية للمغرب، لاسيما منطقة القرن الإفريقي، بدءا بنيجيريا، وخلق نوع من عدم التوازن بالمنطقة من أجل عرقلة الدينامية التي يعرفها مشروع أنبوب الغاز نيجيريا المغرب”.
المصدر: هسبريس