تاريخ وفاة الرسول صحيح البخاري
جدول ال
تاريخ وفاة الرسول صحيح البخاري من الأمور التي اختلف فيها أهل العلم، ولكنّ المسلمون بطبعهم يدفعهم الفضول وحبّ المعرفة في سيرة سيّد الخلق والمرسلين سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فمنهم من يحبّ أن يحتفل بمولده، ومنهم من يحبّ أن يذكره بدعوة خيرٍ في ذكرى وفاته صلّى الله عليه وسلّم، لذا يهتمّ ببيان متى توفي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في التقويم الهجريّ الإسلاميّ، وكذلك الميلاديّ.
احتضار النبي صلى الله عليه وسلم
قبل كل شيء وقبل الخوض في ذكر تاريخ وفاة الرسول صحيح البخاري لا بدّ من الخوض في الحديث عن احتضار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ومرضه ووفاته، حيث صادف اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر لعام 11 بعد الهجرة من يوم الاثنين حضور النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لإحدى جنازات المسلمين في البقيع، وبعد عودته مرض مرضًا شديدًا، حيث أصابه صداعٌ في رأسه، وكذلك ارتفعت حرارته، وقد ظلّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يصلّي بالمسلمين لمدّة أحد عشر يومًا وهو مريض، إلى أن أخذ المرض يسري في جسده الشريف، وقد روي عنه في أيّامه الأخيرة في حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “صُبُّوا عليَّ من سبعِ قِرَبٍ من آبارٍ شتَّى حتَّى أخرُجَ إلى النَّاسِ فأعهَد إليهم قال فخرَج عاصبًا رأسَه صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم حتَّى صعِد المنبرَ فحمِد اللهَ وأثنى عليه ثُمَّ قال إنَّ عبدًا من عبادِ اللهِ خُيِّر بينَ الدُّنيا وبينَ ما عندَ اللهِ فاختار ما عندَ اللهِ فلم يُلَقَّنْها إلَّا أبو بكرٍ فبكى فقال نفديك بآبائِنا وأمَّهاتِنا وأبنائِنا فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم على رِسْلِك أفضلُ النَّاسِ عندي في الصُّحبةِ وذاتِ اليدِ ابنُ أبي قُحافةَ انظُروا هذه الأبوابَ الشَّوارِعَ في المسجدِ فسُدُّوها إلَّا ما كان من بابِ أبي بكرٍ فإنِّي رأَيْتُ عليه نورًا“.[1]
شاهد أيضًا: تاريخ وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجري
قبل يوم من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
لمّا أحسّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم باقتراب الأجل، أعتق ما كان عنده من الغلمان، وتصدّق بما كان يملك من المال، وقيل أنّها كانت سبعة دنانير، ومن ثمّ وهب للمسلمين أسلحته ليقاتلوا فيها، وقيل أنّه في ليلة هذا اليوم استعارت السيّدة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها الزيت من جارتها لتشعل به المصباح الذي كان ينير بيتها، وقد توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكانت درعه مرهونة عند أحد اليهود بما يعادل الثلاثين صاع من شعير، صلّى الله عليك وسلّم يا حبيب الله.[2]
شاهد أيضًا: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة عام الفيل في شهر
تاريخ وفاة الرسول صحيح البخاري
إنّ تاريخ وفاة الرسول هو في الثاني عشر من شهر ربيع الأول في يوم الاثنين، وذلك على خلاف أهل العلم، فقد اختلف أهل العلم في تحديد تاريخ وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وكذلك لم يرد في صحيح البخاري أيّ حديثٍ صحيح عن تاريخ وفاة خير البريّة صلّى الله عليه وسلّم، وقد أخبر بعض أهل العلم أنّه توفي يوم الاثنين بالتحديد ولكن بخلاف الشهر الذي وافق هذا اليوم، فمنهم من قال أنّه يوم الاثنين في شهر ربيع الأوّل، ومنهم من قال أنّه صادف الحادي عشر من رمضان، ومنهم من قال أنّه الثاني عشر من شهر رمضان، والله ورسوله أعلم، وقد بيّن ذلك الإمام ابن حجر رحمه الله في كتاب فتح الباري والذي جاء فيه:[3]
وكانت وفاته يوم الاثنين بلا خلاف من ربيع الأول، وكاد يكون إجماعًا، لكن في حديث ابن مسعود عند البزار في حادي عشر رمضان، ثم عند ابن إسحاق والجمهور أنها في الثاني عشر منه، وعند موسى بن عقبة، والليث، والخوارزمي، وابن زبر، مات لهلال ربيع الأول، وعند أبي مخنف والكلبي في ثانيه، ورجحه السهيلي.
شاهد أيضًا: صفات الرسول صلى الله عليه وسلم الخلقية والخلقية باختصار
تاريخ وفاة الرسول بالهجري
إنّ تاريخ وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالهجريّ هو في غالب الأمر يوافق يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول للسنة الحدية عشرة من الهجرة، وقد ورد في صحيح البخاري حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في يوم وفاة رسول الله: “أنَّ المُسْلِمِينَ بيْنَا هُمْ في صَلَاةِ الفَجْرِ مِن يَومِ الِاثْنَيْنِ، وأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي لهمْ، لَمْ يَفْجَأْهُمْ إلَّا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إليهِم وهُمْ في صُفُوفِ الصَّلَاةِ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَنَكَصَ أبو بَكْرٍ علَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وظَنَّ أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرِيدُ أنْ يَخْرُجَ إلى الصَّلَاةِ، فَقَالَ أنَسٌ : وهَمَّ المُسْلِمُونَ أنْ يَفْتَتِنُوا في صَلَاتِهِمْ، فَرَحًا برَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأشَارَ إليهِم بيَدِهِ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنْ أتِمُّوا صَلَاتَكُمْ ثُمَّ دَخَلَ الحُجْرَةَ وأَرْخَى السِّتْرَ“.[4]
شاهد أيضًا: متى ولد الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجري
تاريخ وفاة الرسول بالميلادي
أمّا عن تاريخ وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالميلاديّ، فهو في الثامن من شهر يونيو لعام 633 ميلادي، وقد توفي صلّى الله عليه وسلّم عن عمرٍ يناهز الواحد والستين سنة بالسنين الشمسبة على خلاف حساب الأعوام القمرية، والله ورسوله أعلم.[5]
شاهد أيضًا: ما هو تاريخ وفاة الرسول صلى الله عليم وسلم
مكان وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
كذلك الخوض في ذكر تاريخ وفاة الرسول صحيح البخاري يدفعنا إلى ذكر مكان وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فقد توفي النبيّ عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم في بيت زوجته السيّة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها وقد ورد في الأثر العديد من الأحاديث التي أشارت إلى أنّه كان مريضًا يحتضر كان في بيت عائشة رضي الله عنه ومنها:
- عن عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “يا عائشةُ ما أزالُ أجِدُ ألم الطعامِ الذي أَكَلْتُ بخيبرَ ، فهذا أوانُ وجدتُّ انقطاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذلِكَ السُّمِّ“.[6]
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: “مَرِضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ، فَقالَ: مُرُوا أبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ فَقالَتْ عَائِشَةُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ مَتَى يَقُمْ مَقَامَكَ لا يَسْتَطِعْ أنْ يُصَلِّيَ بالنَّاسِ، فَقالَ: مُرِي أبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بالنَّاسِ فإنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ. قالَ: فَصَلَّى بهِمْ أبو بَكْرٍ حَيَاةَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ”.[7]
شاهد أيضًا: كم كان عمر الرسول عند وفاة أمه
ردود أفعال الصحابة عند وفاة الرسول
ولا بدّ من بيان ردود أفعال الصحابة عند وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم بعد بيان تاريخ وفاة الرسول صحيح البخاري ، فقد حزن الصحابة الكرام حزنًا شديدًا لوفاة النبيّ عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم، وقد وردت عديد الأحاديث التي بيّنت أحوال الصحابة الكرام بعد وفاته صلّى الله عليه وسلّم، ومنها:[8]
- روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “ما رأيتُ يومًا قطُّ كان أحسَنَ ولا أضوَأ مِن يومٍ دخَلَ علينا فيه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما رأيتُ يومًا كان أقبَحَ ولا أظلَمَ مِن يومٍ مات فيه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّ“.[9]
- روت السيدة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها قالت: “لمَّا قبضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وأبو بَكرٍ عندَ امرأتِهِ، ابنةِ خارجةَ بالعوالي، فجعَلوا يقولون، لم يمتِ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ، إنَّما هوَ بعضُ ما كانَ يأخذُهُ عندَ الوحيِ، فجاءَ أبو بَكرٍ، فَكشفَ عن وجْهِهِ وقبَّلَ بينَ عينيْهِ وقال: أنتَ أَكرمُ على اللَّهِ أن يُميتَكَ مرَّتينِ، قد واللَّهِ ماتَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وعُمرُ في ناحيةِ المسجدِ يقول: واللَّهِ ما ماتَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ، ولا يموتُ حتَّى يقطعَ أيديَ أناسٍ منَ المنافقينَ كثيرٍ وأرجلَهُم، فقامَ أبو بَكرٍ، فصعِدَ المنبرَ فقال: من كانَ يعبدُ اللَّهَ فإنَّ اللَّهَ حيٌّ لم يَمُتْ، ومن كانَ يعبدُ محمَّدًا فإنَّ محمَّدًا قد ماتَ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ، وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شيئًا، وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ قالَ عمرُ: فلَكأنِّي لم أقرأْها إلَّا يومئذٍ“.[10]
شاهد أيضًا: تعريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم
كم كان عمر الرسول عند وفاته
كان عمر النبيّ عليه الصلاة والسلام حين وفاته وهو ابن ثلاث وستين سنة، فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “قُبِضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَعُمَرُ، وَهو ابنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ“.[11] كذلك أخبر الإمام النووي في شرح مسلم: “واتفق على أن أصحها ثلاث وستون، وتأولوا الباقي عليه”.[12]
شاهد أيضًا: قصة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم للاطفال بالصور
وصايا النبي قبل وفاته
كذلك الخوض في بيان تاريخ وفاة الرسول صحيح البخاري يقتضي الخوض في ذكر وصايا النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل وفاته فيما يأتي:[13]
- الوصية بالأنصار: فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “مَرَّ أبو بَكْرٍ، والعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، بمَجْلِسٍ مِن مَجَالِسِ الأنْصَارِ وهُمْ يَبْكُونَ، فَقالَ: ما يُبْكِيكُمْ؟ قالوا: ذَكَرْنَا مَجْلِسَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَّا، فَدَخَلَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرَهُ بذلكَ، قالَ: فَخَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقدْ عَصَبَ علَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ، قالَ: فَصَعِدَ المِنْبَرَ، ولَمْ يَصْعَدْهُ بَعْدَ ذلكَ اليَومِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أُوصِيكُمْ بالأنْصَارِ، فإنَّهُمْ كَرِشِي وعَيْبَتِي، وقدْ قَضَوُا الذي عليهم، وبَقِيَ الذي لهمْ، فَاقْبَلُوا مِن مُحْسِنِهِمْ، وتَجَاوَزُوا عن مُسِيئِهِمْ“.[14]
- إحسان الظن بالله: كذلك روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: “سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قَبْلَ مَوْتِهِ بثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يقولُ: لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهو يُحْسِنُ الظَّنَّ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ“.[15]
- إقامة الصلاة: روي في حديث ضعيف: “كان عامةُ وصيةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصلاةُ وما ملكت أيمانُكم حتى جعل يُغرغرُ بها صدرَه وما يقبضُ بها لسانَه“.[16]
- التحذير من بناء المساجد على القبور: روى عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: “لَمَّا نَزَلَ برَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً علَى وجْهِهِ، فإذا اغْتَمَّ كَشَفَها عن وجْهِهِ، فقالَ وهو كَذلكَ: لَعْنَةُ اللَّهِ علَى اليَهُودِ والنَّصارَى؛ اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيائِهِمْ مَساجِدَ. يُحَذِّرُ ما صَنَعُوا“.[17]
تاريخ وفاة الرسول صحيح البخاري مقالٌ فيه تمّ ذكر نبذة عن وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم تاريخه ومكانه وما سبقه من الـأحداث واحتضاره صلّى الله عليه وسلّم، كما بيّن المقال الوصايا التي أوصاها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم للمسلمين قبل وفاته.
المصدر: صوت الاخبار