تصاعدت الأزمة في محافظة حضرموت اليمنية مع اتهامات واسعة النطاق لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي بارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، بالتزامن مع دعوات إقليمية ودولية إلى المجلس بالانسحاب من المحافظة. وتأتي هذه التطورات بعد رسالة وجهها وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، دعت إلى إخراج قوات الانتقالي من حضرموت وشبوة، وهو ما لاقى ترحيباً واسعاً من الحكومة اليمنية الشرعية.
أعرب وزير الدفاع في الحكومة اليمنية، محسن الداعري، عن تقديره العميق لموقف المملكة العربية السعودية الداعم لليمن وشرعيته، مؤكداً ثقته في حكمة القيادة السعودية وقدرتها على تجاوز الخلافات. وأشار إلى أن دعم السعودية ضروري لاستعادة مؤسسات الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة، وفقاً لما ورد في بيان نشره على صفحته الرسمية في فيسبوك.
اتهامات بانتهاكات واسعة النطاق في حضرموت
في ظل التوترات المتزايدة، وثقت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات 614 واقعة انتهاك مزعومة ارتكبتها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت خلال الفترة من 2 إلى 25 ديسمبر. وتتضمن هذه الانتهاكات، وفقاً للشبكة، جرائم قتل وإصابة، واعتقالات تعسفية، وإخفاءً قسرياً، ونهباً للممتلكات العامة والخاصة، بالإضافة إلى عمليات تهجير قسري للسكان المحليين.
وذكرت الشبكة الحقوقية أن حجم وطبيعة الانتهاكات يشيران إلى نمط ممنهج يستهدف المدنيين والبنية المجتمعية في حضرموت. وأفادت بأن هذه الانتهاكات أسفرت عن تشريد ما يقارب 5000 أسرة من مناطق مختلفة في المحافظة، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.
تفاصيل الانتهاكات الموثقة
أشار تقرير الشبكة اليمنية للحقوق والحريات إلى مقتل 35 عسكرياً و12 مدنياً، وإصابة 56 شخصاً آخرين. كما وثقت 7 حالات تصفية ميدانية لأسرى دون محاكمة، و316 حالة اعتقال تعسفي. بالإضافة إلى ذلك، سجلت الشبكة 216 حالة إخفاء قسري في عدة محافظات، بما في ذلك حضرموت وريمة وحجة وتعز.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل شملت الانتهاكات الموثقة نهب 112 منزلاً و56 منشأة تجارية، والاستيلاء على 20 مركبة خاصة. وتؤكد الشبكة أن هذه الأفعال تسببت في أضرار جسيمة للاقتصاد المحلي وزادت من معاناة السكان.
وتشير التقارير إلى أن المجلس الانتقالي يسعى إلى بسط سيطرته على حضرموت والمهرة، وهما محافظتان غنيتان بالموارد، في إطار أهداف أوسع للانفصال عن شمال اليمن. وقد أثارت هذه المساعي قلقاً واسعاً على الصعيدين المحلي والإقليمي.
تلقّت الشبكة الحقوقية عشرات البلاغات من أسر مدنية تفيد باختفاء أبنائها قسراً، دون معرفة مصيرهم أو أماكن احتجازهم. كما لا يزال مصير مئات العسكريين التابعين للمنطقة العسكرية الأولى مجهولاً، مما يثير مخاوف جدية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.
وتعتبر هذه الانتهاكات، وفقاً للشبكة، خرقاً للقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها اليمن، بما في ذلك الحق في الحياة وحظر الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري. وربما ترقى بعض هذه الأفعال إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مما يستدعي المساءلة القانونية.
تداعيات الأزمة ومستقبل حضرموت
تحذر الشبكة اليمنية للحقوق والحريات من تداعيات إنسانية كارثية محتملة نتيجة للأزمة المتصاعدة في حضرموت، بما في ذلك تفكك النسيج الاجتماعي وتفاقم النزوح الداخلي والانهيار الاقتصادي. وتدعو إلى حماية المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة للمتضررين.
وطالبت الشبكة بإدانة دولية واضحة وصريحة للانتهاكات المرتكبة، والوقف الفوري وغير المشروط لها، والإفراج عن جميع المعتقلين، والكشف عن مصير المخفيين قسراً. كما دعت إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وفقاً للقانون.
من المتوقع أن تستمر الضغوط الإقليمية والدولية على المجلس الانتقالي الجنوبي للانسحاب من حضرموت والعودة إلى طاولة المفاوضات. ومع ذلك، يبقى مستقبل المحافظة غير واضح، ويتوقف على مدى التزام الأطراف اليمنية بالحل السلمي والوحدة الوطنية. وستراقب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن كثب التطورات في حضرموت، وتقييم الأثر الإنساني للأزمة، والبحث عن سبل لتهدئة التوترات وتحقيق الاستقرار.
