وجه الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، اتهامات حادة لأركان السلطة في لبنان بالتعاون مع إسرائيل، معتبراً أن البلاد تواجه لحظة مصيرية تتطلب الدفاع عن سيادتها. جاءت تصريحات قاسم في سياق توترات متصاعدة بشأن خطة “حصرية السلاح” التي يتبناها الجيش اللبناني بدعم من المجتمع الدولي، والتي يرى فيها الحزب مشروعاً يهدف إلى تقويض قدراته العسكرية. وتأتي هذه الاتهامات في وقت يشهد فيه جنوب لبنان انتشاراً للجيش اللبناني كجزء من هذه الخطة، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات الحدودية مع إسرائيل.

ألقى قاسم كلمته خلال حفل تأبين النائب السابق محمد حسن ياغي في بعلبك، حيث أكد أن “العدوان الإسرائيلي على لبنان لم يتوقف حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار الأخير”. وأشار إلى أن الاتفاق لم يُترجم إلى خطوات فعلية من الجانب الإسرائيلي، بينما قدم لبنان تنازلات لم تلقَ مقابلًا. ووفقًا لتصريحاته، فإن المطالبة بحصرية السلاح في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية تعني العمل لصالح إسرائيل وليس لبنان.

حزب الله يتهم السلطة اللبنانية بالعمل لصالح إسرائيل

شدد قاسم على أن حزب الله والمقاومة قد حررا لبنان بالتعاون مع فصائل أخرى وبدعم من الجيش والشعب، مؤكداً على التزام الحزب ببناء الدولة اللبنانية. واعتبر أن خطة “حصرية السلاح” ليست سوى “مشروع إسرائيلي – أميركي” يهدف إلى إضعاف لبنان عسكرياً وزرع الفتنة بين المقاومة والشعب. وتأتي هذه التصريحات في ظل انتقادات متزايدة من قبل الحزب لعمليات الجيش في جنوب الليطاني، والتي يراها مقدمة لتنفيذ هذا المشروع.

وحذر قاسم من أن الاستسلام للضغوط الأميركية والإسرائيلية سيؤدي إلى فقدان السيادة والأرض، داعياً إلى النهوض الوطني لاستعادة الحقوق والمصالح اللبنانية. كما انتقد بشدة ما وصفها بـ “التنازلات المجانية” التي قدمتها الحكومة اللبنانية، في حين لم تقدم إسرائيل أي تنازلات حقيقية. وتساءل عن موقف الدولة من اختطاف الضابط أحمد شكر في منطقة زحلة، مشيراً إلى احتمال تورط إسرائيل في هذه العملية.

الخلاف حول خطة الانتشار العسكري

أشار قاسم إلى أن انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني كان يجب أن يتم بعد التزام إسرائيل بوقف العدوان والانسحاب، وأن يبدأ في عملية إعادة الإعمار. ومع ذلك، أكد أن الحزب سهل انتشار الجيش وعملياته، لكنه في الوقت نفسه، يرى أنه لا ينبغي على لبنان تقديم أي تنازلات إضافية قبل أن تلتزم إسرائيل بتنفيذ الاتفاق بشكل كامل. ويتضمن ذلك إطلاق سراح جميع الأسرى ووقف الخروقات الجوية والبحرية والبرية.

وفي سياق متصل، جددت القوات الإسرائيلية اعتداءاتها على جنوب لبنان، حيث تعرضت بلدة كفرشوبا لقصف رشاشي ثقيل. وتشير التقارير إلى أن هذه الاعتداءات تتزايد في الآونة الأخيرة، مما يزيد من حدة التوتر في المنطقة. وتأتي هذه التطورات في ظل جهود دولية مستمرة لتهدئة الوضع ومنع تصعيد جديد.

كما أكد قاسم على قوة العلاقة بين حزب الله وحركة أمل، مشدداً على أنهما سيبقيان “يداً واحدة” في مواجهة التحديات. وأشار إلى أن الحزب والمقاومة مصممان على تحقيق أهدافهما، مهما كانت التضحيات. وفي رسالة موجهة إلى إسرائيل، قال قاسم: “اركبوا أقصى خيلكم واستخدموا وحشيتكم وإجرامكم، لن نتراجع ولن نستسلم”.

في غضون ذلك، أعلن الجيش اللبناني عن تفتيشه لأربعة منازل مهدمة في مدينة بنت جبيل، وذلك في إطار آلية التنسيق مع لجنة “الميكانيزم” لتنفيذ خطة “حصرية السلاح”. وأشار الجيش إلى أنه قام بتفتيش معظم المنازل في المنطقة سابقاً.

من المتوقع أن يستمر الجيش اللبناني في تنفيذ خطته في جنوب الليطاني، وأن ينتقل في العام المقبل إلى شمال الليطاني. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار وتجنب أي تصعيد جديد قد يعرض الاستقرار في المنطقة للخطر. كما يتطلب الأمر حواراً وطنياً شاملاً حول استراتيجية الأمن الوطني، بما يضمن حماية مصالح لبنان والحفاظ على سيادته.

شاركها.