في فيلمه الجديد “غرق”، يقدم الممثل الأردني محمد نزار أداءً استثنائياً في أول بطولة مطلقة له، حيث يجسد شخصية “باسل”، مراهق يعاني من تحديات نفسية واجتماعية. الفيلم، الذي أخرجه زين دريعي، يطرح أسئلةً صعبةً حول الحب والإنكار العائلي، ويستكشف بعمق قضايا الصحة النفسية في السياق العربي، حاصداً بذلك إشادة واسعة النطاق.
صدر الفيلم في 27 ديسمبر 2025، وقد حصد جائزة “التانيت البرونزي” في مهرجان قرطاج السينمائي، مما يعكس أهميته الفنية وقيمته الإنسانية. الفيلم لا يقتصر على تشخيص حالة نفسية، بل يتناول بشكل أساسي ديناميكية العلاقة بين الأم وابنها، وكيف يمكن للخوف وعدم الفهم أن يؤديا إلى تفاقم الأزمات.
“غرق” وموضوعات الصحة النفسية في السينما العربية
أكد محمد نزار في حديثه لـ “الشرق الأوسط” أن مشروع “غرق” بدأ عام 2020، وأن التحضير له استغرق سنوات من العمل الجاد قبل أن يرى النور. وأشار إلى أن شخصية “باسل” تمثل شاباً مراهقاً يمر بتحولات نفسية معقدة، وأن الفيلم يركز على العلاقة المتوترة بينه وبين والدته، وكيف يحاول كل منهما فهم الآخر في لحظات الضعف.
يتميز الفيلم بتقديمه رؤية نادرة في السينما العربية لقضايا الصحة النفسية، بعيداً عن التنميط والأحكام المسبقة. ويركز على الجوانب الإنسانية للشخصية، ويسعى إلى فهم الأسباب الكامنة وراء سلوكها، بدلاً من مجرد تصنيفها أو الحكم عليها. هذا النهج الحساس يجعل الفيلم قريباً من الجمهور، ويساعد على إثارة النقاش حول هذه القضايا المهمة.
تحديات التحضير والتصوير
أوضح نزار أن التحضير للشخصية كان ضرورياً نظراً لتعقيدها وحساسيتها، وأنه حرص على تقديم أداء متزن وطبيعي، يراعي الجوانب النفسية للشخصية دون مبالغة. وقد تطلب ذلك إجراء بروفات مكثفة، والعمل على تفكيك كل مشهد، وتحديد الحالة الداخلية والحركة الجسدية المناسبة له.
واجه نزار تحديات جسدية خلال التصوير، حيث تعرض لإصابة في الركبة، إلا أنه واصل العمل رغم ذلك، إيماناً بأهمية المشروع ورغبته في إنجازه. هذا التفاني يعكس التزامه بالفن، وحرصه على تقديم أفضل ما لديه.
استقبال الفيلم وردود الفعل
حظي الفيلم باستقبال جيد في مهرجاني تورنتو والبحر الأحمر السينمائي، حيث أشاد النقاد والجمهور بأداء محمد نزار، وبموضوع الفيلم ورسالته الإنسانية. وأكد نزار أن عرض الفيلم أمام جمهور عربي في جدة كان له وقع خاص، لأنه يتناول قضايا تهم مجتمعات الشرق الأوسط.
تلقى الفيلم ردود فعل إيجابية حول تناوله لموضوعات الصحة النفسية، وكسر المحظورات الاجتماعية المتعلقة بها. ويرى الكثيرون أن الفيلم يفتح الباب أمام نقاش أوسع حول هذه القضايا، ويدعو إلى مزيد من الوعي والتفهم.
مستقبل محمد نزار ومشاريع قادمة
يعتبر نزار أن تجربة البطولة في “غرق” كانت خطوة مهمة في مسيرته الفنية، وأنها دفعته إلى مزيد من الالتزام والانضباط. وأكد أنه يحرص على اختيار المشاريع التي تتناسب مع مبادئه الفنية، والتي تقدم قضايا مهمة ومؤثرة.
ينشغل نزار حالياً بالتحضير لمشروعين سينمائيين جديدين، أحدهما في الأردن، والآخر بين كرواتيا وإسطنبول والأردن. ومن المتوقع أن يقدم في هذه المشاريع أداءً متميزاً، وأن يواصل مسيرته الناجحة في عالم التمثيل.
من المتوقع أن يشهد الفيلم المزيد من العروض والمشاركات في المهرجانات السينمائية القادمة، وأن يساهم في إثراء الحوار حول قضايا الصحة النفسية في المجتمعات العربية. وينتظر الجمهور بفارغ الصبر رؤية أعمال محمد نزار القادمة، ومتابعة تطوره الفني.
