تصاعدت التوترات في المحافظات الشرقية من اليمن، خاصةً في حضرموت، مع استمرار المجلس الانتقالي الجنوبي في تعزيز وجوده العسكري. وقد دفع هذا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى طلب تدخل عسكري من تحالف دعم الشرعية لحماية حضرموت من مزيد من التصعيد، وسط مخاوف من تقويض جهود السلام والإقليمية.

وتشير مصادر سياسية إلى أن المجلس الانتقالي يسعى إلى استغلال فترة الوساطة السعودية الإماراتية لتحقيق مكاسب عسكرية على الأرض، على الرغم من استمرار تلك الوساطة بهدف تحقيق الاستقرار. تهدف الوساطة الحالية إلى انسحاب قوات المجلس الانتقالي من حضرموت والمهرة وتسليم المعسكرات لقوات “درع الوطن” والسلطات المحلية، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

تصعيد المجلس الانتقالي وطلب العليمي للتدخل العسكري في حضرموت

أفادت مصادر حكومية يمنية بأن الرئيس العليمي، القائد الأعلى للقوات المسلحة، قد تلقى إحاطة مفصلة حول الأوضاع في حضرموت، بما في ذلك العمليات العسكرية التي وصفها بـ”العدائية” التي قام بها المجلس الانتقالي. وترافق هذه العمليات مع اتهامات بانتهاكات جسيمة لحقوق المدنيين.

ويعتبر هذا التصعيد بمثابة خرق واضح للمرجعيات المتفق عليها خلال المرحلة الانتقالية، وعلى رأسها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض. كما أنه يمثل عقبة أمام جهود الوساطة التي تقودها السعودية والإمارات، والتي تهدف إلى خفض التصعيد وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

استجابةً لهذه التطورات، تقدم العليمي بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن لاتخاذ الإجراءات العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في حضرموت ودعم القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة. كما جدد دعوته لقيادة المجلس الانتقالي إلى إعطاء الأولوية للمصلحة العامة والوحدة الوطنية، والامتناع عن أي خطوات تصعيدية إضافية.

وعقد مجلس الدفاع الوطني اليمني اجتماعاً طارئاً برئاسة العليمي، وبحضور عدد من أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورؤساء مجلسي النواب والشورى، ورئيس الحكومة، بالإضافة إلى قيادات عسكرية وأمنية ومحافظ حضرموت. ناقش الاجتماع تداعيات الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي وتأثيراتها المحتملة على الأمن الوطني والإقليمي.

وأكد الإعلام الرسمي أن الاجتماع استعرض تقارير ميدانية تفصل الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون في حضرموت والمهرة، بما في ذلك الهجمات الأخيرة في وادي نحب. واعتبر المجلس هذه الهجمات “مخالفة صريحة” لجهود التهدئة وتقويضاً للمؤسسات الشرعية للدولة.

وأعرب مجلس الدفاع الوطني عن دعمه الكامل للوساطة السعودية، مشدداً على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين وتسليم المعسكرات لقوات “درع الوطن” والسلطات المحلية، وفقاً لترتيبات منظمة وتحت إشراف التحالف.

تحذيرات إقليمية من العواقب

في سياق متصل، أعادت المملكة العربية السعودية التأكيد على رفضها للتحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية من اليمن، من خلال بيان صادر عن وزارة الخارجية. وشدد البيان على ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة.

وذكرت مصادر مطلعة أن هذا الموقف السعودي ترجم ميدانياً بضربة جوية تحذيرية في حضرموت، بهدف إرسال رسالة واضحة بعدم السماح بفرض أي تغييرات على الأرض بالقوة. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة ردع وقائي، مع تحذير من أن أي تصعيد إضافي سيواجه إجراءات أكثر صرامة.

في المقابل، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي بياناً حاول فيه تبرير تحركاته، معتبراً أنها جاءت استجابة لـ”دعوات شعبية”. وأعلن المجلس انفتاحه على التنسيق مع السعودية، مع وصفه الضربة الجوية بأنها “مستغربة”.

مخاوف من تداعيات سلبية

ويرى مراقبون أن أي تنسيق محتمل بين المجلس الانتقالي والسعودية لن يكون مقبولاً إقليمياً ما لم يسبقه إنهاء التصعيد، وخروج القوات، وتسليم المعسكرات، والعودة إلى طاولة الحوار. ويؤكدون على أهمية عدم فرض الأمر الواقع بالقوة.

ويحذر سياسيون يمنيون من أن تعنت المجلس الانتقالي وإصراره على عسكرة حضرموت يضر بالقضية الجنوبية نفسها، ويحولها من مشروع سياسي إلى صراع مسلح. ويستشهدون بتجارب مماثلة في دول أخرى، مثل السودان وجنوب السودان، والتي انتهت بالفوضى وعدم الاستقرار.

ويشددون على أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بالدول والمؤسسات الشرعية، وأن أي محاولة للانفصال الأحادي لن تلقى دعماً دولياً. ويؤكدون على أن حضرموت تستحق الأفضل من العنف والسلاح، وأن الحل يكمن في الحوار والتوافق الوطني.

من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من الجهود الدبلوماسية والإقليمية لتهدئة الأوضاع في حضرموت. وسيكون من الضروري مراقبة مدى استجابة المجلس الانتقالي للضغوط الإقليمية والدولية، والتزامه بمرجعيات المرحلة الانتقالية. يبقى مستقبل حضرموت معلقاً على قدرة الأطراف اليمنية والإقليمية على إيجاد حل سياسي يضمن الاستقرار والازدهار للمنطقة.

شاركها.