قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية للنظر في قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، مما يثير اهتمامًا دوليًا واسعًا. يأتي هذا القرار بالتزامن مع تحديد موعد لجلسة استماع في قضية رجل الأعمال عثمان كافالا، المسجون منذ سنوات، في خطوة قد تؤثر على العلاقات بين تركيا والمؤسسات الحقوقية الأوروبية. وتعتبر قضية احتجاز إمام أوغلو من القضايا البارزة التي تثير تساؤلات حول استقلال القضاء في تركيا.

أعلن محامي إمام أوغلو، محمد بهلون، تلقي إخطار رسمي من المحكمة الأوروبية يفيد بإعطاء أولوية للطعن المقدم بشأن الاحتجاز. وأشار بهلون إلى أن هذا الإجراء نادر الحدوث في القضايا المرفوعة من تركيا، مما يعكس أهمية القضية من وجهة نظر المحكمة. في الوقت نفسه، تم تحديد 25 مارس (آذار) موعدًا لجلسة الاستماع في قضية كافالا.

تفاصيل قضية احتجاز إمام أوغلو

تم اعتقال أكرم إمام أوغلو في مارس الماضي على خلفية اتهامات تتعلق بالفساد والمخالفات في المناقصات خلال فترة عمله في بلدية إسطنبول. تأتي هذه الاتهامات في وقت يُنظر فيه إلى إمام أوغلو على أنه منافس رئيسي للرئيس التركي رجب طيب إردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مما أثار شكوكًا حول دوافع سياسية وراء الاعتقال.

وتشمل لائحة الاتهام الموجهة لإمام أوغلو 402 شخصًا كمشتبه بهم، وتتضمن مجموعة واسعة من التهم المالية، بالإضافة إلى تهم تتعلق بالتلوث البيئي. يواجه إمام أوغلو خطر السجن لمدد طويلة، حيث يطالب الادعاء العام بسجنه ما بين 828 و 2352 عامًا، بتهمة قيادة منظمة إجرامية.

أثارت عملية الاعتقال احتجاجات شعبية واسعة النطاق في تركيا، مما يعكس الدعم الجماهيري لإمام أوغلو والقلق بشأن التطورات السياسية والقضائية في البلاد. وتعتبر هذه الاحتجاجات الأكبر من نوعها منذ مظاهرات “غيزي بارك” في عام 2013.

التحقيقات والتهم الموجهة

بدأت التحقيقات في القضية بعد فترة وجيزة من فوز إمام أوغلو بمنصب رئيس بلدية إسطنبول، وتوسعت لتشمل عددًا كبيرًا من المشتبه بهم. تتركز التهم الموجهة حول شبهات فساد في مشاريع بلدية، وتزوير وثائق، وإساءة استخدام السلطة.

يرفض إمام أوغلو والجهات المعارضة هذه الاتهامات بشدة، واصفين إياها بأنها ذات دوافع سياسية تهدف إلى إقصائه عن الحياة السياسية. ويؤكدون أن التحقيقات تفتقر إلى الأدلة القوية وأنها تستند إلى شهادات متناقضة.

قضية عثمان كافالا والضغط الدولي

تأتي قضية عثمان كافالا، الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، في سياق أوسع من الانتقادات الموجهة لسجل تركيا في مجال حقوق الإنسان. وقد أثارت قضية كافالا قلقًا دوليًا كبيرًا، حيث دعت العديد من المنظمات الحقوقية إلى الإفراج الفوري عنه.

أدين كافالا في عام 2022 بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، وحُكم عليه بالسجن المؤبد المشدد. ويعتبر هذا الحكم غير عادل من قبل العديد من المراقبين، الذين يشيرون إلى أن الأدلة ضده كانت ضعيفة وأن المحاكمة شابها العديد من المخالفات الإجرائية.

وقد اتخذت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان خطوات متزايدة للضغط على تركيا للإفراج عن كافالا، بما في ذلك إصدار أحكام تنص على انتهاك حقوقه. كما بدأت المفوضية الأوروبية إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

تعتبر قضية كافالا بمثابة اختبار حقيقي لالتزام تركيا بمعايير حقوق الإنسان، وقد تؤثر على علاقاتها مع الدول الأوروبية والمؤسسات الدولية. احتجاز إمام أوغلو وقضية كافالا تثيران مخاوف بشأن سيادة القانون وحرية التعبير في تركيا.

من المتوقع أن تستمر المحكمة الأوروبية في مراجعة قضيتي إمام أوغلو وكافالا، مع التركيز على ضمان محاكمة عادلة واحترام حقوق الإنسان. وستراقب المنظمات الحقوقية والمراقبون الدوليون عن كثب التطورات في هاتين القضيتين، مع الأخذ في الاعتبار تأثيرهما المحتمل على المشهد السياسي والقانوني في تركيا. الخطوة التالية ستكون تقديم الأطراف المعنية لآرائهم الخطية إلى المحكمة الأوروبية بحلول المواعيد النهائية المحددة، مما قد يؤدي إلى مزيد من التدقيق في ملابسات الاحتجاز.

شاركها.