في قلب محافظة العلا السعودية، يشهد مركز “الديرة للفنون والتصميم” تحولاً ملحوظاً، حيث يمثل نقطة التقاء بين التراث العريق والطموحات الفنية الحديثة. هذا المركز، الذي انطلق من مبنى “أول مدرسة للبنات في العلا”، أصبح اليوم منارة للإبداع، تدعم الحرفيين المحليين وتعزز الاقتصاد المستدام القائم على الفنون والحرف التقليدية.
تأسس مركز الديرة في عام 2019، بعد أن ظل مبنى المدرسة مهجوراً لسنوات. يهدف المركز إلى إحياء الحرف السعودية الأصيلة، مثل الفخار، الخوص، الغزل والنسيج، والنحت على الحجر والخشب، وتقديمها بأساليب معاصرة تجذب اهتماماً واسعاً. يقع المركز في منطقة ذات أهمية تاريخية وثقافية كبيرة، مما يساهم في تعزيز مكانة العلا كوجهة سياحية وفنية متميزة.
“الديرة”: إحياء الحرف اليدوية السعودية في العلا
يعتبر مركز “الديرة” مبادرة رائدة في مجال دعم الحرفيين وتمكينهم من مواصلة ممارسة حرفهم التقليدية. يوفر المركز ورش عمل تدريبية متخصصة في مختلف الحرف اليدوية، بالإضافة إلى توفير المواد الخام والأدوات اللازمة. يهدف المركز إلى نقل هذه الحرف للأجيال القادمة، وضمان استمراريتها كجزء من الهوية الثقافية السعودية.
بالإضافة إلى التدريب، يتيح مركز الديرة للحرفيين عرض وبيع منتجاتهم من خلال معارض وفعاليات تقام بشكل دوري. هذا يساعدهم على تحقيق دخل مستدام، ويعزز من تسويق منتجاتهم على نطاق أوسع. كما يساهم في جذب السياح والزوار المهتمين بالفنون والحرف التقليدية.
تراث العلا العريق ومستقبل الفنون
لا يقتصر دور مركز الديرة على إحياء الحرف اليدوية فحسب، بل يمتد ليشمل الحفاظ على التراث الثقافي الغني للعلا. تستلهم أعمال الحرفيين من البيئة الطبيعية والثقافية للمنطقة، وتعكس تاريخها العريق. فجبال العلا والصخور المنقوشة، والبلدة القديمة، كلها مصادر إلهام للحرفيين.
وتشير حنان البلوي، المشاركة في أكاديمية النقوش التابعة للهيئة الملكية لمحافظة العلا، إلى أن الزوار يتفاعلون بشكل كبير مع هذه الحرف، ويعبرون عن إعجابهم بجمالها وأصالتها. وتضيف أن هذه الحرف تمثل جزءاً هاماً من الهوية الثقافية للمنطقة، وتساهم في تعزيز السياحة الثقافية.
يشمل نطاق عمل المركز مجالات متنوعة مثل المنسوجات، والنحت على الحجر والخشب، وأعمال الصوف، واستخراج الألوان الطبيعية والصباغة، والرسم الهندسي، وتصميم وصناعة المجوهرات، وصناعة الصابون والشموع، ومنتجات الخوص، والسيراميك. هذا التنوع يعكس ثراء التراث الثقافي للعلا، وقدرة الحرفيين على الإبداع والابتكار.
ومع تزايد الاهتمام بالفنون والحرف التقليدية في المملكة العربية السعودية، يتوقع أن يشهد مركز الديرة نمواً وتطوراً مستمراً في المستقبل القريب. تخطط الهيئة الملكية لمحافظة العلا لتوسيع نطاق عمل المركز، وزيادة عدد الحرفيين المستفيدين من خدماته. كما تسعى إلى تطوير برامج تدريبية جديدة، تلبي احتياجات سوق العمل المتغيرة.
من المتوقع أن تساهم هذه الجهود في تعزيز مكانة العلا كمركز إقليمي للفنون والثقافة، وجذب المزيد من الاستثمارات في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك، فإنها ستساهم في توفير فرص عمل جديدة للشباب السعودي، وتحقيق التنمية المستدامة في المنطقة. يبقى التحدي الأكبر في الحفاظ على أصالة هذه الحرف، مع تطويرها لتلبية متطلبات العصر.
