عندما تبين أن فيلم «الآلة المدمّرة» (The Smashing Machine) فشل في استقطاب جمهور كبير في أكتوبر الماضي، علق الممثل دواين جونسون قائلاً: «النجاح ليس بالأرقام وحدها». هذا التصريح، من ممثل يُقال إنه يتقاضى أجوراً ضخمة عن كل فيلم، يسلط الضوء على تحدٍ متزايد يواجه نجوم السينما اليوم: الحفاظ على النجاح في ظل تغير أذواق الجمهور وتصنيفهم للأعمال الفنية.
هذا الفشل ليس حالة فردية، بل جزء من اتجاه مقلق لصناعة السينما، حيث يجد العديد من الممثلين أنفسهم مقيدين بأنواع معينة من الأدوار التي اشتهروا بها، وأن أي محاولة للخروج عن هذه القوالب قد تؤدي إلى نتائج عكسية على شباك التذاكر. تزايد الاعتماد على أفلام الأكشن والكوميكس يقلل من فرص نجاح الأفلام الدرامية أو المستقلة التي تعتمد على المهارات التمثيلية للممثلين.
طغيان النوع وتأثيره على نجوم السينما
محاولة جونسون بالخروج بدور مختلف باءت بالفشل لأن الفيلم، الذي يروي جزءاً من سيرة المصارع مارك كر، لم يرقَ لتوقعات الجمهور. لم يكن الفيلم سيئاً، ولكنه لم يكن قوياً بما يكفي ليثبت قدرة جونسون على لعب أدوار درامية معقدة. هذا يعكس مشكلة أعمق في كيفية تقييم الجمهور للممثلين، حيث يميلون إلى ربطهم بشخصياتهم وأدوارهم السابقة.
شركة الإنتاج (A24) راهنت على اسم جونسون لجذب الجمهور، لكنها فشلت في تقدير أن جمهور أفلام الأكشن قد لا يكون مهتماً بقصة شخصية عن مصارع. هذا الفشل يكشف عن صعوبة تغيير الصورة النمطية للممثل في أذهان الجمهور، حتى لو كان يتمتع بشعبية كبيرة.
هذا ليس ظاهرة جديدة، ففي السنوات الأخيرة، حاول العديد من الممثلين والممثلات الخروج عن الأدوار التقليدية التي اعتادوا عليها، ولكنهم واجهوا صعوبات مماثلة. من الأمثلة على ذلك سكارلت جوهانسن في فيلم «شبح في الصدفة» (Ghost in the Shell)، وروبرت داوني جونيور في فيلم «دوليتل» (2020)، وفين ديزل في فيلم «جدني مذنباً» (Find Me Guilty). هؤلاء الممثلون حققوا نجاحاً كبيراً في أفلام الأكشن والكوميكس، ولكنهم لم يتمكنوا من تكرار هذا النجاح في أفلام أخرى.
تأثير أفلام الأكشن والكوميكس
أفلام الأكشن والكوميكس أصبحت تهيمن على صناعة السينما، مما أدى إلى تهميش الأنواع الأخرى من الأفلام. هذا يعني أن الممثلين الذين يشتهرون في هذه الأنواع من الأفلام قد يجدون صعوبة في الحصول على أدوار في أفلام أخرى، حتى لو كانوا يرغبون في ذلك. بالإضافة إلى ذلك، فإن الجمهور قد يكون أقل استعداداً لمشاهدة الممثلين في أدوار مختلفة عن تلك التي اعتادوا عليها.
نتيجة لذلك، أصبح الممثلون يعيشون في نوع من الفخ، حيث أنهم مجبرون على تكرار نفس الأدوار من أجل الحفاظ على شعبيتهم، ولكنهم في الوقت نفسه يتوقون إلى لعب أدوار جديدة ومختلفة لإثبات قدراتهم التمثيلية. هذا التناقض يخلق ضغطاً كبيراً على الممثلين، وقد يؤدي إلى إحباطهم وتراجعهم عن العمل.
هل فقدت نجوم السينما بريقها؟
يبدو أن تأثير الممثل على شباك التذاكر قد تضاءل في السنوات الأخيرة، في حين أن تأثير الفيلم نفسه قد ازداد. أصبح الجمهور أكثر اهتماماً بجودة الفيلم وقصته وإخراجه، وأقل اهتماماً بمن يلعب الأدوار الرئيسية. هذا يعني أن الممثلين لم يعودوا قادرين على الاعتماد على اسمهم وشعبيتهم لجذب الجمهور إلى دور السينما.
أصبح نجوم مثل كريس هيمسوورث وروبرت داوني جونيور وسكارلت جوهانسن مرتبطين بشخصياتهم في أفلام الأبطال الخارقين، وأي محاولة للخروج عن هذه الشخصيات قد تواجه مقاومة من الجمهور. هذا يجعل من الصعب على هؤلاء الممثلين أن يثبتوا أنهم قادرون على لعب أدوار أخرى.
في المقابل، نجد أن بعض الممثلين الذين لم يشتهروا في أفلام الأكشن والكوميكس قد تمكنوا من تحقيق نجاح كبير في أفلام أخرى. هذا يشير إلى أن المهارات التمثيلية والقدرة على تقديم أداء مقنع قد تكون أكثر أهمية من الشعبية والنجومية.
هذا العام، شهدنا العديد من الأمثلة على فشل نجوم كبار في تحقيق النجاح في أفلام مختلفة عن تلك التي اعتادوا عليها. جنيفر لورنس في فيلمها الأخير «مت يا حبيبي» (Die My Love)، وسكارلت جوهانسن في فيلمها عن الهولوكوست «إليانور العظيمة» (Eleanor the Great)، وجوليا روبرتس في فيلم «بعد الصيد» (After the Hunt)، وجوني ديب في فيلم «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون» (Three Days on the Wing of Madness) كلهم واجهوا صعوبات في جذب الجمهور إلى أفلامهم.
في المستقبل القريب، من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، وأن يجد نجوم السينما صعوبة متزايدة في الحفاظ على نجاحهم في ظل تغير أذواق الجمهور وتصنيفهم للأعمال الفنية. سيكون على الممثلين أن يكونوا أكثر انتقائية في اختيار أدوارهم، وأن يركزوا على جودة الفيلم وقصته وإخراجه، بدلاً من الاعتماد على اسمهم وشعبيتهم. ما يجب مراقبته هو قدرة شركات الإنتاج على إيجاد طرق جديدة لجذب الجمهور إلى دور السينما، وكيف ستتطور صناعة السينما في السنوات القادمة.
