تزايدت المخاوف من تنسيق المستوطنين الإسرائيليين في بؤر التلال لعمليات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية. وتظهر تحقيقات حديثة نمطاً منظماً من العنف والتوسع الاستيطاني، مدفوعاً بأيديولوجيات متطرفة وأهداف سياسية واضحة، مما يعقد جهود السلام ويزيد من التوترات في المنطقة.
تقع بؤرة أور مئير الاستيطانية، وهي مثال على هذا التوسع، في منطقة تلية تطل على الطريق 60 الرئيسي الذي يشق الضفة الغربية. ومع مرور الوقت، تتحول هذه البؤر المتواضعة إلى مشاريع استيطانية أوسع نطاقاً، في إطار خطة يقر بها مسؤولون إسرائيليون تهدف إلى منع إقامة دولة فلسطينية مستقبلية.
كيف ينسق المستوطنون الإسرائيليون هجماتهم لطرد الفلسطينيين؟
تشير الأدلة المتزايدة إلى وجود تنسيق بين مجموعات المستوطنين في الضفة الغربية لتنفيذ هجمات على الفلسطينيين وممتلكاتهم. وتتضمن هذه الهجمات إلقاء زجاجات حارقة، وتخريب المزارع، والاعتداء الجسدي، وتهديد السكان المحليين لإجبارهم على مغادرة أراضيهم. وقد وثقت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان العديد من هذه الحوادث، مع تسجيل أكثر من 750 إصابة هذا العام وحده.
وتستخدم مجموعات المستوطنين قنوات التواصل الاجتماعي، مثل تطبيق “تلغرام”، لتنظيم هذه الهجمات وتبادل المعلومات حول تحركات الفلسطينيين. وقد كشفت تحقيقات “رويترز” عن رسائل منشورة على قناة “أور مئير” تحتفي بطرد رعاة البدو، وتظهر إصرار المستوطنين على ترسيخ سيطرتهم على الأراضي التي يعتبرونها “استراتيجية”.
توسع البؤر الاستيطانية ودعم الحكومة
شهد عام 2023 زيادة ملحوظة في بناء البؤر الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية. فقد سجلت منظمة “السلام الآن” الإسرائيلية بناء 80 بؤرة استيطانية جديدة، وهو أكبر عدد منذ عام 1991. وفي ديسمبر، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على إقامة 19 مستوطنة جديدة، بعضها كان عبارة عن بؤر استيطانية سابقة. وقد صرح وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بأن الهدف من هذه الخطوة هو عرقلة قيام دولة فلسطينية.
وعلى الرغم من أن معظم دول العالم تعتبر أنشطة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي، إلا أن إسرائيل ترفض هذا الرأي. ومع ذلك، فإن التوسع الاستيطاني المستمر يثير قلقاً دولياً متزايداً، ويُعتبر عقبة رئيسية أمام تحقيق سلام دائم في المنطقة.
وتشير الرسائل على قناة “أور مئير” إلى خطة منظمة للسيطرة على الأراضي، حيث يهدف المستوطنون إلى الاستقرار في “تلة استراتيجية” بالقرب من مستوطنة عوفرا، سعياً لتأسيس “وجود استيطاني يهودي مستمر”. وتدعم هذه الأدلة تقارير ميدانية ومقابلات مع مستوطنين وجماعات مؤيدة للمستوطنين.
العنف ضد الفلسطينيين وتأثيره
تتعرض المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية لتهديد متزايد من العنف الذي يمارسه المستوطنون. فقد روت عائلة بدوية لـ “رويترز” أنها تعرضت لهجوم من قبل مهاجمين من أور مئير، مما أجبرها على مغادرة أرضها في يونيو الماضي. وتخشى العائلة من عدم القدرة على العودة أبداً.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من ألف فلسطيني قتلوا في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر 2023، معظمهم في عمليات نفذتها قوات الأمن الإسرائيلية، ولكن البعض الآخر نتيجة عنف المستوطنين. وفي الفترة نفسها، قُتل 57 إسرائيلياً في هجمات شنها فلسطينيون.
وتواجه السلطات الإسرائيلية انتقادات بسبب عدم كفاحها بشكل فعال ضد عنف المستوطنين. وذكرت منظمة “ييش دين” الإسرائيلية المعنية بحقوق الإنسان أن اثنين في المائة فقط من مئات قضايا عنف المستوطنين التي وثقتها منذ السابع من أكتوبر 2023 انتهت بتوجيه اتهامات.
الكلمات المفتاحية: المستوطنون الإسرائيليون، الضفة الغربية، الاستيطان، العنف، الفلسطينيون.
الوضع المستقبلي والتحديات
من المتوقع أن يستمر التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية، مما يزيد من التوترات مع الفلسطينيين ويقوض جهود السلام. ومن المرجح أن يشهد الطريق 60، الذي يتقاطع مع الطريق 505 المؤدي إلى غور الأردن، مزيداً من التحديات مع استمرار بناء المستوطنات في المنطقة.
وتشير التقديرات إلى أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على بناء أكثر من 51 ألف وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية منذ أواخر عام 2022. ومع ذلك، فإن مستقبل هذه المستوطنات لا يزال غير مؤكد، حيث تعارض معظم دول العالم أنشطة الاستيطان الإسرائيلية.
ما يجب مراقبته في المستقبل القريب هو رد فعل المجتمع الدولي على التوسع الاستيطاني المستمر، وما إذا كانت هناك أي جهود جديدة لبدء مفاوضات سلام بين إسرائيل والفلسطينيين. كما يجب مراقبة تطورات الوضع الأمني في الضفة الغربية، وما إذا كان العنف بين المستوطنين والفلسطينيين سيستمر في التصاعد.
