قال المخرج السعودي ممدوح سالم إن فيلمه القصير “الهندول” يستكشف بعمق تأثير الفقد على الأطفال، ويقدم رؤية مؤثرة حول كيفية تعاملهم مع الحزن والموت. الفيلم، الذي عُرض في مهرجان البحر الأحمر السينمائي، يلقي الضوء على تجربة طفل صغير يواجه فقدان والده، وكيف يجد العزاء والدعم في محيطه. يمثل هذا العمل السينمائي إضافة مهمة للإنتاج السعودي الذي يشهد ازدهاراً ملحوظاً.
أضاف سالم أن الفيلم لم يكن مجرد معالجة لموضوع الموت، بل هو أيضاً تأمل في الحياة وقيمتها، مؤكداً أن التحديات الإنتاجية، مثل التصوير في مقبرة حقيقية، ساهمت في إضفاء واقعية أكبر على القصة. ويعكس الفيلم، بحسب المخرج، الفرص المتزايدة المتاحة لصناع الأفلام السعوديين لتقديم أعمال تعبر عن ثقافتهم وتجاربهم.
“الهندول” واستكشاف موضوع الفقد في السينما السعودية
يروي فيلم “الهندول” قصة مؤثرة لطفل يجد صعوبة في تقبل وفاة والده. بينما تنشغل والدته باستقبال المعزين، يلجأ الطفل إلى مقبرة والده، متمسكاً برفضه لترك المكان. يلتقي الطفل بالعم “سالم”، وهو نجار، الذي يقدم له الدعم والتوجيه. لاحقاً، مع قدوم مولود جديد للعائلة، يساعد “سالم” الطفل على تجاوز حزنه وإدراك أن الموت جزء طبيعي من دورة الحياة.
تحديات الإنتاج ورؤية المخرج
أشار ممدوح سالم إلى أن فكرة الفيلم بدأت تتشكل قبل عشر سنوات، مستوحاة من مشهد مؤثر شهده أثناء وداع جده. ولفت إلى أن التصوير داخل مقبرة حقيقية كان تحدياً كبيراً، حيث تطلب الحصول على موافقة رسمية من الجهات المختصة، وتعاوناً من هيئة الأفلام لتسهيل الإجراءات. كما سعى المخرج إلى استخدام اللقطات الواسعة لإبراز معالم جدة التاريخية ودمجها في سياق القصة.
يرمز “الهندول” في الفيلم إلى الحياة نفسها، فهو سرير الطفل الرضيع الذي يمثل بداية رحلة النمو والتطور. ويقدم الفيلم مقاربات رمزية بين مفاهيم الحياة والموت، مثل النعش والهندول، والسرير والقبر، والليل والنهار، مؤكداً على الترابط بينهما.
الفيلم من بطولة يوسف شيخ، ووليد باعشن، وابتسام محمد، وعائشة الرفاعي، ومن إنتاج وإخراج ممدوح سالم، وسيناريو وحوار فاروق الشعيبي. وقد حظي بدعم جزئي من هيئة الأفلام السعودية من خلال برنامج “ضوء”، الذي يهدف إلى تشجيع الإنتاج السينمائي المحلي.
السينما السعودية في مرحلة ازدهار
شارك “الهندول” في الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي ضمن برنامج “أفلام السعودية الجديدة”، الذي سلط الضوء على مجموعة متنوعة من الأعمال السينمائية السعودية. ويعكس هذا المشاركة الاهتمام المتزايد بالسينما السعودية ودعمها من قبل الجهات الحكومية والمؤسسات الثقافية.
بدأ ممدوح سالم مسيرته الفنية كممثل ومخرج ومنتج للعروض المسرحية والسينمائية، وقدم على مدار سنوات عديدة ثمانية أفلام بين وثائقية وروائية. كما قدم أعمالاً درامية تلفزيونية وعروضاً مسرحية ناجحة. ويؤكد سالم على أهمية الاستمرار في دعم صناع الأفلام السعوديين وتشجيعهم على تقديم أعمال مبتكرة تعبر عن هويتهم الثقافية.
ويشير سالم إلى أن المشهد السينمائي في المملكة العربية السعودية قد شهد تحولاً جذرياً في السنوات الأخيرة، بفضل رؤية المملكة 2030 التي أولت اهتماماً كبيراً بالثقافة والفنون. وقد أتاح هذا الدعم فرصاً هائلة للشباب الموهوبين لإطلاق العنان لإبداعاتهم وتقديم أعمال سينمائية ذات جودة عالية.
يذكر أن ممدوح سالم أسس شركة إنتاج سينمائي خاصة به، ويهدف من خلالها إلى دعم الإنتاج السينمائي السعودي وتوزيعه على نطاق واسع. كما شارك في مبادرات مبكرة تهدف إلى إحياء السينما السعودية، مثل إطلاق أول مهرجان سينمائي سعودي في عام 2006 وعرض الأفلام السعودية في قاعات مسرحية.
من المتوقع أن تستمر السينما السعودية في النمو والازدهار في السنوات القادمة، مع زيادة الدعم الحكومي وتوفر الفرص لصناع الأفلام الشباب. ويجب مراقبة تطورات برنامج “ضوء” وتقييم أثره على الإنتاج السينمائي المحلي، بالإضافة إلى متابعة المشاركات السعودية في المهرجانات السينمائية الدولية.
