أكدت المملكة العربية السعودية مجددًا التزامها الراسخ بتعزيز الأمن الإقليمي والدولي، والسعي نحو حل النزاعات بالطرق السلمية، وذلك خلال جلسة مجلس الوزراء التي ترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في الرياض يوم الثلاثاء. وتأتي هذه التأكيدات في إطار السياسة الخارجية السعودية التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم، وتقديم الدعم الإنساني وتعزيز التعاون الدولي.
عقب الجلسة، صرح وزير الإعلام سلمان الدوسري بأن المجلس استعرض المباحثات والاتصالات الأخيرة التي أجراها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء مع قادة دول شقيقة وصديقة، بهدف توسيع آفاق التعاون المشترك ومواجهة التحديات العالمية. كما اطلع المجلس على نتائج اجتماعات مجلس التنسيق السعودي-البحريني والسعودي-القطري.
تجديد التأكيد على مبادئ السياسة الخارجية السعودية
أظهرت السعودية من خلال هذه التطورات حرصها على مواصلة دورها المحوري في المنطقة، مع التركيز على الدبلوماسية والحوار كأدوات رئيسية لحل الأزمات. وتعتبر المملكة أن الاستقرار الإقليمي ضروري لتحقيق التنمية المستدامة والرخاء الاقتصادي لشعوب المنطقة. وتشمل هذه السياسة الخارجية السعودية دعم المنظمات الدولية وتعزيز جهودها في حفظ السلام والأمن.
تعزيز العلاقات الثنائية والإقليمية
أشاد مجلس الوزراء بنتائج الاجتماعات الأخيرة مع البحرين وقطر، مؤكدًا على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية في جميع المجالات. وتم خلال هذه الاجتماعات توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تهدف إلى فتح آفاق جديدة للتعاون المشترك، خاصة في المجالات التنموية.
كما بارك المجلس مشروع القطار الكهربائي السريع الذي يربط السعودية بقطر، واصفًا إياه بأنه مشروع تنموي هام سيعزز التنقل والحراك السياحي والاقتصادي بين البلدين، ويدعم التكامل والترابط الخليجي. ويعتبر هذا المشروع جزءًا من رؤية أوسع لتطوير البنية التحتية في المنطقة.
مواقف المملكة من القضايا الدولية
رحب مجلس الوزراء بقرار الولايات المتحدة الأمريكية إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا، معربًا عن تقديره للدور الإيجابي الذي بذلته الإدارة الأمريكية في هذا الصدد. ويأتي هذا الترحيب في سياق دعم المملكة للجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وتخفيف المعاناة الإنسانية على الشعب السوري.
وفيما يتعلق بالشأن المحلي، أشاد المجلس بالإنجازات التي حققتها الجهات الحكومية في مجال الاستثمار في قدرات الشباب، وتحقيق أهداف التنمية الشاملة. وأكد المجلس على أهمية مواصلة هذه الجهود بوتيرة أسرع لتحقيق المزيد من المكتسبات الوطنية. وتشمل هذه المكتسبات انضمام مدن الرياض والعلا ورياض الخبراء إلى شبكة اليونسكو العالمية لمدن التعليم، مما يعكس التزام المملكة بتوفير فرص تعليمية مستدامة للجميع.
الريادة السعودية في المجالات الرقمية
أظهرت المؤشرات العالمية تقدم المملكة في مجال التحول الرقمي، حيث حصلت على المرتبة الثانية عالميًا في الحكومة الرقمية وفقًا لمؤشر مجموعة البنك الدولي لعام 2025. ويعكس هذا الإنجاز تكامل منظومة العمل الحكومي، والبنية الرقمية المتقدمة، وجودة الخدمات الإلكترونية المقدمة للمواطنين والمقيمين. الذكاء الاصطناعي هو مجال آخر حققت فيه المملكة تقدمًا ملحوظًا، حيث احتلت المرتبة الخامسة عالميًا والأولى عربيًا في نمو هذا القطاع.
كما أشاد المجلس بنجاح معرض “صنع في السعودية 2025” ومشاركة سوريا كضيف شرف، وتوقيع اتفاقيات وشراكات نوعية تعزز مكانة المنتج الوطني وتنافسيته في الأسواق الإقليمية والعالمية. ويعتبر هذا المعرض منصة هامة لعرض القدرات الصناعية السعودية وجذب الاستثمارات الأجنبية.
خلال الجلسة، وافق المجلس على عدد من القرارات المتعلقة بتعزيز التعاون الدولي، بما في ذلك تفويض الوزراء بالتباحث والتوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع دول أخرى في مجالات مختلفة مثل تسليم المطلوبين، والشراكة الاستراتيجية، والتعاون في مجال خدمة اللغة العربية، والشؤون القانونية والعدلية، والجمارك، والعمل المحاسبي والرقابي.
من المتوقع أن تستمر المملكة في تنفيذ هذه القرارات وتفعيل الاتفاقيات الموقعة، بهدف تعزيز مكانتها كشريك موثوق به في المجتمع الدولي، والمساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم. وستظل المملكة ملتزمة بمبادئ السياسة الخارجية السعودية القائمة على الحوار والتعاون والسعي نحو حل النزاعات بالطرق السلمية. وستراقب الأوساط الإقليمية والدولية عن كثب التطورات المتعلقة بتنفيذ هذه السياسات وتأثيرها على المشهد السياسي والاقتصادي في المنطقة.
