أبرز المتحف المصري في التحرير اليوم، التابوت الأخضر “الاستثنائي” الذي يعود إلى الكاهن “عنخ إن ماعت”، كجزء من جهود مصر المستمرة لاستعادة تراثها الثقافي. يعود تاريخ هذا التابوت إلى حوالي 2600 عام، وقد تم استرداده مؤخرًا من الولايات المتحدة بعد معركة قانونية استمرت لسنوات، حيث كان قد سُرق من مقبرة في أبو صير عام 2008. يُعد هذا الحدث بمثابة دفعة قوية للحفاظ على الآثار المصرية وتعزيز السياحة الثقافية.

استعادة التابوت الأخضر: قصة نجاح في حماية التراث المصري

تم عرض التابوت في المتحف المصري بالتحرير بعد ترميمه وإعداده للعرض، بحضور مسؤولين من وزارة السياحة والآثار وخبراء في علم المصريات. يتميز التابوت بلونه الأخضر الفريد على الوجه، والذي يرمز إلى البعث والخلود في المعتقدات المصرية القديمة، بينما يتميز الجسم باللون الأسود المرتبط بالإله أوزوريس. يبلغ طول التابوت حوالي ثلاثة أمتار ويزن نصف طن، وهو مزين بكتابات هيروغليفية من “كتاب الموتى” مطلية بالذهب.

وصفت وزارة السياحة والآثار استعادة التابوت بأنها “لحظة تاريخية” تعكس التزام مصر بحماية تراثها الثقافي واستعادته من أي مكان في العالم. وقد تمكنت مصر بالفعل من استعادة أكثر من 30 ألف قطعة أثرية خلال العقد الماضي، وذلك من خلال جهود دبلوماسية وقانونية مكثفة.

أهمية التابوت الأخضر من الناحية الأثرية والدينية

أكد الدكتور حسين عبد البصير، عالم الآثار المصرية، أن عودة هذا التابوت تمثل “لحظة فارقة ومضيئة” في مسيرة استرداد مصر لتراثها المسلوب. وأضاف أن التابوت ليس مجرد قطعة أثرية نادرة، بل هو “وثيقة حضارية متكاملة” تعكس عمق الفكر الديني والجمالي لدى المصريين القدماء.

يشير الدكتور محمد حسن، المتخصص في الحضارة المصرية القديمة، إلى أن التابوت يعود إلى العصر المتأخر ويحمل دلالات مهمة تتعلق بعقيدة المصريين القدماء في الحياة الآخرة. وأضاف أن استعادة هذا التابوت بفضل جهود إدارة الآثار المستردة يعكس اهتمام مصر المتزايد بتراثها المادي.

يُعد التابوت الأخضر إضافة قيمة إلى مجموعة الآثار المعروضة في المتحف المصري بالتحرير، والذي يضم كنوزًا أثرية تعود إلى عصور مختلفة من تاريخ مصر القديم، بما في ذلك لوحة الملك نعرمر ومجموعة من التماثيل والقطع الأثرية لملوك عصر بناة الأهرامات.

جهود مصر المستمرة لاسترداد الآثار المسروقة

تواصل مصر جهودها لاسترداد الآثار التي تم تهريبها إلى الخارج بشكل غير قانوني، وذلك من خلال التعاون مع الدول الأجنبية والمنظمات الدولية المعنية بحماية التراث الثقافي. وتعتمد مصر على الأدلة التاريخية والقانونية لإثبات ملكيتها للآثار المطالب بها.

يرى الخبير السياحي المصري، بسام الشماع، أن عرض هذا التابوت بعد استرداده يمثل فرصة عظيمة لتشجيع الدول الأخرى على إعادة المزيد من الآثار المصرية المنهوبة. وأضاف أن هذه الخطوة تعزز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي وضرورة إعادته إلى وطنه الأصلي.

تستعد وزارة السياحة والآثار لإطلاق حملة توعية واسعة النطاق حول أهمية الآثار المصرية وضرورة حمايتها من السرقة والتهريب. كما تخطط الوزارة لتطوير المتحف المصري بالتحرير وتحسين تجربة الزوار.

من المتوقع أن تستمر مصر في جهودها لاسترداد آثارها المنهوبة، مع التركيز على التعاون الدولي وتطبيق القوانين الدولية المعنية بحماية التراث الثقافي. وستظل قضية استرداد الآثار أولوية قصوى للحكومة المصرية في الفترة القادمة، مع الأخذ في الاعتبار التحديات القانونية واللوجستية التي قد تواجه هذه الجهود.

شاركها.