مع اختتام فعالياته، رسخ معرض جدة للكتاب مكانته كمنصة ثقافية إقليمية رائدة، حيث استقطب المعرض أكثر من 650 ألف زائر على مدى عشرة أيام. يأتي هذا الإنجاز في إطار جهود هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية لتطوير قطاع النشر ودعم الثقافة، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030. ويدل هذا الحضور اللافت على اهتمام متزايد بالقراءة والمعرفة في السعودية والمنطقة.
يعكس هذا النجاح الاستراتيجية الوطنية التي تتبناها الهيئة، والتي تهدف إلى زيادة مساهمة القطاعات الثقافية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 3٪. ويُعد المعرض منصة حيوية لتحقيق هذه الأهداف من خلال دعم الناشرين، وتعزيز التبادل الثقافي، وتوفير تجربة ثقافية مثرية للزوار.
تأثير معرض جدة للكتاب على صناعة النشر والاقتصاد
أكدت هيئة الأدب والنشر والترجمة أن المعرض استضاف أكثر من 1000 دار نشر ووكالة من 24 دولة، مما يعكس التنوع العالمي للمشاركين. وقد عرضت هذه الدور ما يقرب من 195 ألف عنوان، لتلبية احتياجات القراء المتنوعة. وهذا التنوع في العروض يعكس اتساع السوق القرائية السعودية وتطورها.
لم يقتصر المعرض على عرض الكتب، بل شهد أيضاً توقيع العديد من الاتفاقيات الثقافية والمهنية بين الناشرين المحليين والدوليين. تُظهر هذه الاتفاقيات تحول المعرض إلى فضاء للاستثمار والشراكة في صناعة الكتاب، مما يعزز النمو الاقتصادي للقطاع. ويُعتبر هذا التوسع في الشراكات أمراً بالغ الأهمية لتطوير صناعة النشر السعودية.
برامج وأنشطة ثقافية متنوعة
تضمن المعرض برنامجاً ثقافياً غنياً ومتنوعاً، اشتمل على أكثر من 176 فعالية، بما في ذلك ندوات فكرية وورش عمل وجلسات حوارية. وقد صُممت هذه الفعاليات لتلبية اهتمامات مختلف الفئات العمرية، وتحويل المعرض إلى منصة حقيقية للنقاش والإنتاج المعرفي. وشملت الفعاليات عروضاً لأفلام سعودية حديثة، مما يربط بين الكتاب والفن السينمائي.
كما شهد المعرض حضوراً كبيراً من العائلات والشباب، مما يشير إلى اتساع القاعدة القرائية في السعودية. وقد أظهر الزوار اهتماماً خاصاً بالإصدارات الجديدة، خاصة في مجالات الأدب والفكر وكتب الأطفال. ويساهم هذا الاهتمام في تعزيز الثقافة وتشجيع القراءة في المجتمع.
دعم المحتوى السعودي وتعزيز الوعي الثقافي
ركز المعرض في نسخته الحالية على دعم المحتوى السعودي، من خلال مبادرات متنوعة مثل منطقة الكتب المخفضة ومنصة توقيع الكتب. وقد ساهمت هذه المبادرات في إبراز أعمال الكتاب السعوديين وتشجيع القراء على اكتشافها. وظهرت مبادرات لبيع الكتب في أماكن غير تقليدية مثل المتاجر الكبرى والصيدليات.
وصرح الدكتور عبد اللطيف الواصل، الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، بأن المعرض يعكس الرؤية الثقافية المتجددة للمملكة. وأضاف أن المعرض يُعد محطة مهمة في مسار تطوير صناعة النشر وتعزيز الوعي المعرفي لدى المجتمع. ويُعتبر هذا التصريح تأكيداً على أهمية المعرض في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
وقد أظهرت التقارير الميدانية تفاعلاً لافتاً من الزوار مع مختلف فعاليات المعرض، بدءاً من الإقبال على شراء الكتب وصولاً إلى المشاركة في الأنشطة الثقافية. ويعود هذا التفاعل إلى التنوع والجودة العالية للبرامج والفعاليات المقدمة.
يُعد معرض جدة للكتاب جزءاً من خطة هيئة الأدب والنشر والترجمة لتطوير قطاع النشر وتعزيز الثقافة في السعودية، والتي تمتد من عام 2020 إلى عام 2025. وتسعى الهيئة من خلال هذه الخطة إلى تمكين صناعة النشر، ورفع مستوى الوعي الثقافي، والمساهمة في تحسين جودة الحياة. ويُتوقع أن تشهد السنوات القادمة المزيد من التطورات في هذا المجال، وأن يعزز المعرض مكانته كمنصة ثقافية رائدة إقليمياً.
ومن المتوقع أن تعلن هيئة الأدب والنشر والترجمة عن تقرير مفصل حول نتائج المعرض، بما في ذلك الأرقام النهائية للمبيعات وعدد الزوار والمشاركين. وسيساعد هذا التقرير في تقييم أداء المعرض وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تطوير في المستقبل. وسيكون من المهم أيضاً متابعة تأثير المعرض على قطاع النشر والاقتصاد السعودي على المدى الطويل.
