أعلن ائتلاف “الإعمار والتنمية” بقيادة رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد شياع السوداني عن مبادرة سياسية شاملة تهدف إلى حسم ملف تشكيل الحكومة، وتحديداً منصب رئيس الوزراء، في ظل استمرار حالة الانسداد السياسي. تأتي هذه المبادرة بعد أسابيع من المفاوضات المعقدة بين القوى السياسية المختلفة، والتي لم تسفر عن اتفاق بشأن الشخصية التي ستتولى المنصب الأهم في البلاد. ويأمل القائمون على المبادرة في تجاوز الخلافات وإعادة تحريك العملية السياسية نحو الاستقرار.
وتركز جهود الائتلاف على إيجاد حلول توافقية لإنهاء المراوحة في ملف رئاسة الوزراء، بهدف تشكيل حكومة قادرة على معالجة التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه العراق. وقد عقد السوداني اجتماعاً مع قادة الائتلاف لمناقشة تفاصيل المبادرة وتثبيت رؤيتهم لإدارة الدولة في المرحلة المقبلة.
مبادرة ائتلاف الإعمار والتنمية لحسم ملف رئيس الوزراء
تستند مبادرة ائتلاف “الإعمار والتنمية” إلى السعي نحو التوافق الوطني والاستحقاق الدستوري في اختيار رئيس الوزراء. بحسب ما صرح به قيادي في الائتلاف لوسائل الإعلام، فإن المبادرة تشمل شروطاً محددة لاختيار الشخصية التي ستتولى المنصب، مع التأكيد على ضرورة أن تكون هذه الشخصية قادرة على قيادة البلاد وتحقيق الاستقرار.
وشدد الائتلاف على أن المبادرة تمثل خطوة سياسية مسؤولة تهدف إلى إعادة تحريك العملية السياسية ووضعها على المسار الصحيح، مؤكداً على أهمية تشكيل حكومة قوية وفاعلة تعبر عن تطلعات العراقيين. وتتضمن أيضاً التركيز على أولويات الإصلاح وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.
التحديات التي تواجه المبادرة
تواجه مبادرة ائتلاف “الإعمار والتنمية” تحديات كبيرة، أبرزها الخلافات القائمة داخل “الإطار التنسيقي” الحاكم. ذكرت مصادر مطلعة أن هناك تمسكاً من بعض الأطراف بترشيح شخصيات معينة، وفي المقابل، رفضاً لتولي السوداني منصب رئيس الوزراء لولاية ثانية.
وفي حين يرى البعض أن المبادرة قد تفتح الباب أمام تفاهمات سياسية جادة، يعتقد آخرون أن القوى السياسية قد ترفض أي شروط يفرضها الائتلاف، مفضلين التوصل إلى اتفاق يراعي مصالح الجميع. الوضع السياسي الحالي يتسم بالتعقيد، مع وجود تداخل في المصالح والتطلعات بين مختلف القوى الفاعلة.
بالإضافة إلى ذلك، يبرز ملف الإصلاح الاقتصادي كأحد التحديات الرئيسية التي ستواجه الحكومة الجديدة. ويتطلب تحقيق الاستقرار الاقتصادي اتخاذ إجراءات جريئة لمعالجة المشاكل الهيكلية التي يعاني منها العراق، بما في ذلك تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.
وفي سياق منفصل، دعا “الإطار التنسيقي” إلى عقد جلسة لمجلس النواب لانتخاب هيئة الرئاسة، لكن هذه الدعوة لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن. ووفقًا لمراقبين سياسيين، فإن حالة عدم الاتفاق على اسم محدد لرئاسة الحكومة من المرجح أن تستمر، خاصة في ظل الفسحة الزمنية المتاحة لإجراء الاستحقاقات الدستورية.
موقف نوري المالكي وتداعياته
يشكل موقف نوري المالكي، رئيس ائتلاف “دولة القانون”، أحد العوامل الرئيسية التي تعيق تشكيل الحكومة. فقد أبدع المالكي تمسكه بترشيحه لمنصب رئيس الوزراء، مع رفضه دعم تولي السوداني المنصب لولاية ثانية.
يضع هذا الموقف ضغوطاً إضافية على “الإطار التنسيقي”، ويزيد من صعوبة التوصل إلى اتفاق. ويؤكد مراقبون أن هناك حاجة إلى حوارات مكثفة بين المالكي وبقية قادة “الإطار” لإيجاد حل يرضي جميع الأطراف. الخلافات الداخلية في “الإطار” قد تؤدي إلى تأخير تشكيل الحكومة وانعكاس ذلك سلبًا على الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.
المشهد السياسي العراقي يراقب عن كثب تطورات مبادرة ائتلاف “الإعمار والتنمية” وعما إذا كانت ستنجح في تحقيق هدفها المتمثل في حسم ملف تشكيل الحكومة. من المتوقع أن تُعرض تفاصيل المبادرة على قوى “الإطار التنسيقي” في اجتماع مرتقب، وقد يكون هذا الاجتماع حاسماً في تحديد مسار العملية السياسية في العراق. وسيحدد موقف قادة الإطار من المبادرة ما إذا كان العراق سينجح في تشكيل حكومة مستقرة أم سيستمر في حالة الانسداد السياسي وتعيق جهود الإصلاح والتنمية.
من المنتظر أن يعقد مجلس النواب جلسته الأولى في 29 ديسمبر الحالي لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه. وانتهاء هذه الجلسة يمثل خطوة أساسية نحو استكمال الاستحقاقات الدستورية وتكليف الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة. لكن، في ظل الخلافات القائمة، لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان هذا الموعد سيتم الالتزام به، أو ما إذا كانت ستحدث تأجيلات جديدة.
