احتفاءً بالـالخط العربي، وهو فنّ تقليديّ عريق، افتتح في القاهرة ملتقى دولي يسعى لإحياء هذا التراث وتقديمه بأشكال معاصرة. يهدف الملتقى، الذي انطلق في قصر الفنون بدار الأوبرا، إلى تعزيز مكانة الخط العربي كرمز للجمال والإبداع، وأداة للتواصل الثقافي بين الشعوب. وقد شارك في هذا الحدث الفني والثقافي فنانون وخطاطون من 23 دولة حول العالم.
يُعدّ ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي منصة هامة لعرض الإبداعات الفنية التي تجمع بين الأصالة والحداثة، ويُمثل فرصة للتبادل الثقافي والتعاون بين الفنانين والباحثين المتخصصين في هذا المجال. وقد بدأ الملتقى فعالياته في 21 ديسمبر 2025، ويستمر لعدة أيام، ويستقبل الزوار من مختلف الفئات والاهتمامات.
أهمية الخط العربي في الحضارة الإنسانية
لطالما كان الخط العربي جزءًا لا يتجزأ من الحضارة الإسلامية، حيث استخدم في تدوين القرآن الكريم وتوثيق العلوم والمعارف. ومع مرور الوقت، تطور الخط العربي ليصبح فنًا قائمًا بذاته، له قواعده وأساليبه ورموزه الخاصة. يشتهر الخط العربي بتنوع أنواعه، مثل النسخ، والثُلث، والكوفي، والدّيواني، وغيرها.
بالإضافة إلى دوره الديني والثقافي، يحمل الخط العربي قيمة جمالية عالية، فهو يعكس ذوقًا رفيعًا وحسًّا فنيًّا مرهفًا. يُستخدم الخط العربي في تزيين المساجد، والقصور، والمباني العامة، وفي صناعة التحف والأعمال الفنية المختلفة. يُعتبر فن الزخرفة الإسلامية تكملة طبيعية لفن الخط، حيث يجمع بينهما لإنتاج أعمال فنية متكاملة.
مشاركة دولية واسعة
شهد الملتقى مشاركة واسعة من دول مختلفة، بما في ذلك الصين، والهند، وإندونيسيا، وماليزيا، والمغرب، والسعودية، وتونس، واليمن، والعراق، وسوريا، ولبنان، والإمارات، وسلطنة عمان، وبولندا، وإيطاليا. تُظهر هذه المشاركة التقدير العالمي للخط العربي، والرغبة في الحفاظ عليه وتعزيزه.
تعرض الدول المشاركة مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية التي تجسد الإبداع والتميز في فن الخط العربي. تتضمن هذه الأعمال لوحات فنية، وخطوطًا على الرق، ومنحوتات، وأعمال تصميمية، وغيرها. تُعكس هذه الأعمال التراث الثقافي الغني لكل دولة، وتعبر عن الهوية الفنية المميزة لها.
شعار الملتقى “بالحروف: سلام” ودلالاته
اختير شعار “بالحروف: سلام” للدورة الحالية من الملتقى، وذلك تأكيدًا على أن الخط العربي يحمل رسالة سلام وتسامح. فالكتابة في حد ذاتها وسيلة للتواصل والحوار، والخط العربي، بتاريخه العريق وقيمه الإنسانية، يمثل نموذجًا للتعايش والتفاهم بين الثقافات.
كما يجسّد الشعار العلاقة الوثيقة بين الحرف والمعنى، وكيف يمكن للحروف أن تنقل مشاعر وأحاسيس عميقة، وأن تساهم في بناء جسور التواصل بين الناس. ويشير القائمون على الملتقى إلى أن اختيار هذا الشعار يهدف إلى إبراز الدور الإيجابي الذي يمكن أن يلعبه الفن في تعزيز السلام والأمن في العالم.
ورش عمل وندوات علمية مصاحبة
يتضمن الملتقى برنامجًا حافلًا بالفعاليات المصاحبة، مثل ورش العمل والندوات العلمية. تهدف ورش العمل إلى تدريب الخطاطين والمهتمين بفن الخط على أحدث التقنيات والأساليب، وتمكينهم من تطوير مهاراتهم وقدراتهم الإبداعية. بينما تُعقد الندوات العلمية لمناقشة القضايا المتعلقة بالخط العربي، وتبادل الأفكار والخبرات بين الباحثين والمتخصصين.
وتستضيف هذه الدورة نخبة من الخبراء والباحثين في مجال الخط العربي من مختلف الدول، بالإضافة إلى فنانين عرب بارزين مثل أحمد عامر من السعودية، وياسر الجرابعة من الأردن، وسامي بن زين بن سعيد من عُمان، وغيرهم.
من المتوقع أن يعلن الملتقى عن نتائج مسابقات الخط العربي في حفل ختام يقام في دار الأوبرا المصرية، حيث سيتم تكريم الفائزين وتسليمهم الجوائز. كما سيشهد الحفل عروضًا فنية وموسيقية تعكس جماليات الخط العربي والثقافة العربية والإسلامية. وستكون هذه الفعالية بمثابة تتويج لجهود جميع المشاركين والمنظمين، وستساهم في تعزيز مكانة ملتقى القاهرة كأحد أهم الفعاليات الثقافية والفنية في المنطقة.
من المنتظر أن تُختتم فعاليات الملتقى في غضون أيام قليلة، مع توقعات بمتابعة الأثر الإيجابي للملتقى في إحياء فن الخط العربي وتشجيع الأجيال الجديدة على ممارسته. وستترقب الأوساط الفنية والثقافية الإعلان عن موعد الدورة القادمة من الملتقى، والمزيد من الفعاليات والمبادرات التي تساهم في صون هذا التراث الثقافي العريق.
