كشف فريق بحثي دولي عن اكتشاف واعد في مجال الحماية من الشمس، حيث تم عزل مركب طبيعي جديد من نوع من البكتيريا الزرقاء، يُظهر فعالية عالية في الحماية من الأشعة فوق البنفسجية دون التسبب في آثار جانبية معروفة للمنتجات التقليدية. يأتي هذا الاكتشاف في ظل تزايد الطلب على بدائل طبيعية وآمنة لواقيات الشمس الكيميائية، والتي أثارت مخاوف بشأن تأثيرها على صحة الإنسان والبيئة.
النتائج، التي نُشرت في دورية “Science of The Total Environment” في 21 ديسمبر 2025، توصل إليها باحثون من جامعة ميجو في اليابان وجامعة شولالونغكورن في تايلاند. يمثل هذا التقدم خطوة مهمة نحو تطوير منتجات حماية من الشمس أكثر استدامة وصديقة للبشرة.
البحث عن بدائل طبيعية لواقي الشمس
تعتبر واقيات الشمس ضرورية للوقاية من أضرار أشعة الشمس، بما في ذلك حروق الجلد، والشيخوخة المبكرة، وزيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد. ومع ذلك، فإن العديد من واقيات الشمس المتوفرة حاليًا تعتمد على مرشحات كيميائية أو معدنية قد تسبب تهيجًا للجلد أو آثارًا سلبية على البيئة البحرية، مثل تبييض الشعاب المرجانية. لذلك، يتزايد الاهتمام بالبحث عن مركبات طبيعية قادرة على توفير حماية فعالة.
ركز الباحثون على السيانوبكتيريا، وهي مجموعة من البكتيريا الزرقاء القديمة التي تزدهر في البيئات القاسية. هذه الكائنات الحية قادرة على البقاء في درجات حرارة عالية، ومستويات ملوحة مرتفعة، وكميات كبيرة من الإشعاع، مما يجعلها مصدرًا واعدًا للمركبات الحيوية النشطة.
اكتشاف مركب GlcHMS326
تمكن الفريق من عزل مركب جديد، أُطلق عليه اسم GlcHMS326، من السيانوبكتيريا التي تعيش في الينابيع الساخنة في تايلاند. ينتمي هذا المركب إلى فئة الأحماض الأمينية ويتميز بتركيبته الكيميائية الفريدة التي تمنحه خصائص حماية من الأشعة فوق البنفسجية ومضادة للأكسدة.
أظهرت الدراسات أن GlcHMS326 يمتص كلًا من الأشعة فوق البنفسجية من نوعي UVA و UVB، وهما النوعان الرئيسيان من الأشعة الضارة التي تصل إلى الأرض. بالإضافة إلى ذلك، أظهر المركب قدرة فائقة على مكافحة الجذور الحرة، وهي جزيئات غير مستقرة يمكن أن تلحق الضرر بالخلايا وتساهم في الشيخوخة.
وفقًا للباحثين، فإن إنتاج هذا المركب يزداد بشكل ملحوظ عندما تتعرض البكتيريا للأشعة فوق البنفسجية أو الإجهاد الملحي. ومع ذلك، لم يلاحظوا ارتباطًا كبيرًا بين إنتاج المركب والإجهاد الحراري، على الرغم من أن السيانوبكتيريا تعيش في بيئات حارة.
الفوائد المحتملة وتطبيقات واقي الشمس الطبيعي
تتجاوز أهمية هذا الاكتشاف المجال العلمي البحت، حيث يفتح الباب أمام تطبيقات صناعية محتملة. يمكن استخدام GlcHMS326 كبديل طبيعي للمرشحات الكيميائية في تركيبات واقي الشمس، مما يقلل من خطر تهيج الجلد والأضرار البيئية. هذا يتماشى مع الاتجاه المتزايد نحو مستحضرات التجميل الطبيعية والعضوية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استغلال السيانوبكتيريا كمصانع حيوية لإنتاج المركب على نطاق واسع وبطرق مستدامة. هذا من شأنه أن يقلل من التكاليف ويضمن توافرًا مستمرًا للمادة الخام. تشير الأبحاث الأولية إلى إمكانية استخدام هذا المركب في مجالات أخرى مثل العناية بالبشرة والأدوية، نظرًا لخصائصه المضادة للأكسدة.
تعتبر هذه النتائج خطوة أولى واعدة، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث لتحديد الجرعة المثلى من GlcHMS326، وتقييم ثباته في تركيبات مختلفة، وإجراء اختبارات السلامة الشاملة. من المتوقع أن تبدأ التجارب السريرية لتقييم فعالية وسلامة واقي الشمس الذي يحتوي على هذا المركب في الربع الأول من عام 2026. سيراقب الباحثون أيضًا تأثير إنتاج المركب على نطاق واسع على البيئة، لضمان استدامته على المدى الطويل.
تعتبر هذه التطورات جزءًا من جهود عالمية متزايدة لتطوير حلول مبتكرة لحماية البشرة من أضرار أشعة الشمس، مع مراعاة الصحة العامة والبيئة. كما أن البحث في مكونات طبيعية جديدة يمثل أولوية قصوى في صناعة مستحضرات التجميل.
