
ديسمبر بذرة الخلاص الخالدة
رشا عوض
كل رصاصة أو صاروخ أو قذيفة لعينة أطلقت في هذه الحرب هي مصوبة في الأساس إلى جسد ثورة الشعب السوداني من أجل الحرية والسلام والعدالة.
نعم سالت الدماء من كل مكان في جسد الثورة ولفها الحزن والألم وأدمتها الجراح الغائرة، ولكن قلب وعقل الثورة سيظل عصياً على رصاصهم وداناتهم وعلى ماكينة أكاذيبهم الفاجرة وغرفهم المظلمة التي تبث سموم الكراهية والفتنة القبلية والجهوية.
ديسمبر كإرادة لهزيمة الاستبداد والفساد (سلمية سلمية ضد الحرامية)
ديسمبر كعنوان للوحدة الوطنية (يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور)
ديسمبر كمشروع ديمقراطي هدفه الدولة المدنية (مدنياااااو حرية سلام وعدالة، ما تدي قفاك للعسكر)
ديسمبر الممهورة بدماء شهداء وشهيدات وعهدنا معهم ومعهن (دم الشهيد ما راح لابسنو نحن وشاح) وقمة الوفاء لدم الشهيد هي المضي إلى الإمام في تحقيق قيم وأهداف الثورة وعدم التقهقر إلى الوراء وإحياء النظام المنحط الذي ثار عليه الشعب.
ديسمبر بكل هذه المعاني والقيم والأهداف خالدة كفكرة وحلم وطني نبيل ووقود للإرادة الشعبية.
إنها بذرة خلاص مغروسة بالوعي ومروية بالعرق والدماء والتضحيات!
هذه الحرب حيلة لسرقة بذور ديسمبر من أرضنا لغرس رايات الاستبداد والفساد والطغيان الفاجر مجددا وهيهات!
الحرب سرقت منا الكثير ولكن يجب أن نتعاهد بعدم السماح لها بسرقة بصيرتنا الوطنية فنصدق دعايتهم أن الحرب خرجت من مواكب الحرية في ديسمبر ومن دور الأحزاب السياسية ومن ساحات الاعتصامات السلمية!
الحرب خرجت من انشطار نواة الانقلاب العسكري على الثورة! ومن أوكار الحركة الإسلامية اسماً الإجرامية فعلاً! ومن المؤسسة العسكرية المعطوبة التي استنزفت جل مواردنا وبدلا من أن تحمينا تقاتلت وسط منازلنا ومستشفياتنا في صراع سلطة ثلاثي الأبعاد: الكيزان ومليشياتهم وجهاز أمنهم والجيش والدعم السريع! هؤلاء هم معسكر الحرب ومع ذلك تثابر الدعاية الحربية على تحويل الحرب إلى رافعة سياسية للعسكر وإلى مشنقة مادية ومعنوية للقوى السياسية المسالمة والساعية للسلام والتحول الديمقراطي! ويا لها من مسخرة ومهزلة!.
أشعل الكيزان والعسكر الحرب بكل خسة وإنانية متسفلة! ولأنهم جبناء لم يمتلكوا الشجاعة لتحمل وزرها! فأطلقوا آلتهم الإعلامية الفاجرة لإزاحة ملامة الحرب عن صناعها الحقيقيين وتحويل اللوم إلى قوى سياسية مهما كان الاختلاف معها لا يمكن تحميلها وزر الحرب! لا يفعل ذلك إلا من كان فاقداً للنزاهة في حدها الأدنى!
يجب أن نتعاهد على عدم السماح لهذه الحرب باطفاء جذوة ديسمبر في عقولنا وقلوبنا، لأنها إن بقيت هناك حتماً ستحيا وتثمر من جديد!.
المصدر: صحيفة التغيير
