وبالأمس رفضت السلطات المصرية تسليم عضو لجنة التفكيك إيهاب الطيب للسلطات السودانية، ببورتسودان ، وقضى الطيب في السجن خمسة عشر يومًا،قررت بعدها عدم تسليمه .

وكانت الحكومة الكيزانية في بورتسودان عبر النيابة قد وضعت إيهاب الطيب ضمن المطلوبين دوليًا، الذين صدرت قرارات ضدهم من قبل النائب العام، وعلى رأسهم الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السابق، وبقية أعضاء لجنة التفكيك وقيادات حزبية أخرى عدد من الصحفيين.

وقبل أسبوعين أوقفت السلطات المصرية إيهاب الطيب على أراضيها عندما ذهب بغرض تجديد الإقامة بحي العباسية في مصر، على خلفية أنه أحد المطلوبين من حكومة بورتسودان عبر الإنتربول.

وورد ذلك في نص خطاب السلطات المصرية الموجّه إلى إدارة الإنتربول:

“إن المتهم إيهاب الطيب مطلوب لدى السلطات السودانية ومقيد أمره لدينا بالرقم 506 لسنة 2025 (تسليم مجرمين).

أولًا: يُحجز المتهم لمدة خمسة عشر يومًا على أن يُعرض علينا بعدها للنظر في أمر حبسه.

ثانيًا: يُطلب ملف استرداد المتهم من السلطات السودانية المختصة ويُعرض علينا فور وروده للنظر والتصرف.”

وبقي إيهاب الطيب في قبضة السلطات المصرية وأكمل المدة المحددة، وبالأمس أطلقت سراحه، بسبب أن السلطات السودانية لم ترسل ملفًا يثبت أن عضو لجنة التفكيك وضع يده على أموال وعقارات خلال عمله باللجنة كما ادّعت، وهو الاتهام الثاني الذي وُضع به في القائمة، بجانب اتهامه مع المطلوبين في القائمة الشهيرة.

والاتهام الملفق لعضو اللجنة من قبل كيزان بورتسودان لا يختلف عن البلاغات التي وجهتها السلطة الانقلابية في السودان لكافة أعضاء اللجنة، وزجّت بهم بسببها في السجون. وعندما فشلت في إثبات الادعاء وقامت بإطلاق سراحهم جميعًا، وكانت تلك شهادة براءة مقننة، إذ تمت الإدانة والتبرئة في عهد السلطة الانقلابية الكيزانية التي كانت ولا تزال تسخّر النيابة والقضاء لخدمتها.

ولكن في ظل الحرب اختل ميزان العدالة وأصبحت المحاكمات والتنفيذ تتم قبل التحقيق مع المتهم. ولو كان إيهاب الطيب محجوزًا لدى السلطات السودانية لبقي في السجن أو قُدّم لمحاكمة عاجلة بالإعدام.

فالمحامي منتصر عبد الله في قضية المطلوبين السياسيين والذي تم إطلاق سراحه مؤخرًا، كان ذهب إلى سلطات بورتسودان لطلب صورة من البلاغ، لكن الحكومة المرعوبة من المدنية ألقت القبض عليه، فقضى في السجن قرابة العام مع دفع غرامة مالية، في موقف أثبت عرج العدالة واستقامة منتصر ووطنيته.

وبإطلاق سراح إيهاب أكدت السلطات المصرية بالأمس أنها لن تكون الأداة التي يمكن أن تستخدمها يد الإخوان، الذين أصبحت عصاباتهم بالخارج تستثمر في حياكة المؤامرات وشراء الذمم وتشويه سمعة الأبرياء. والغريب أن الفاسدين هم الذين يحيكون المؤامرات لضرب خصومهم السياسيين وإلصاق تهم الفساد بهم!!لكن بالأمس فشل “كيزان مصر” في تمرير خطتهم الخبيثة عبر السلطات المصرية، ولم تنجح عملية تكرار سيناريو المؤامرة الذي كانوا يقومون به في السودان، ووقع خبر إطلاق سراح عضو لجنة التفكيك عليهم مباغتا ًوكان صادمًا، طالما أنهم هلّلوا عندما تم القبض عليه وضجّت أسافيرهم بخطاب السلطات المصرية للإنتربول.

ونهاية فترة إيهاب الطيب في السجن أمس هي نهاية مدوية لقدرة النظام البائد وقلة حيلته، سيما أن عداءه للجنة التفكيك عداء مختلف تسيطر عليه مشاعر الغبن والكراهية.

والسلطات المصرية عندما ترفض تسليم عضو لجنة التفكيك، فهي بالأحرى ترفض التعاون مع سلطة بورتسودان بالطرق الملتوية القائمة على التشفي والكيد السياسي. كما أن الخطوة تُحسب في رصيد مصر، طالما أنها واحدة من أضلاع مربع الرباعية الذي يدعم فيه الحل إستعادة الحكم المدني الديمقراطي. فالتضييق على القيادات المدنية والثورية في هذا التوقيت أمر لا يتناسب مع الإيمان الصحيح بهذا المبدأ.

والسلطات السودانية طالما أنها لا تمتلك ملف اتهام لعضو اللجنة، فكيف لها أن تضع اسمه على قائمة المطلوبين دوليًا!

وقد تكررت الواقعة من قبل مع الأستاذ ياسر عرمان، عندما ألقت السلطات الكينية القبض عليه بعد أن دمغته سلطة بورتسودان باتهامات باطلة، لكنها أطلقت سراحه لعدم كفاءة الأدلة.

وهذا يعني أن الفلول تحاول فقط سرقة النقاط في السباق السياسي لتقدّم خصومها على شاشة العرض أنهم مجرمون هاربون من العدالة، علمًا أنها و”يعلم الله” هي المجرمة.

وفي حقيقة الأمر، إن الملاحقات الدولية ستكون قريبًا من نصيب الكيزان. فالمطلب الرابع لأمريكا حتى لا تفرض القوة الثالثة هو أن تقوم سلطة بورتسودان بتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية. وهؤلاء هم المجرمون اسمًا وفعلاً، الذين سرقوا أحلام الشعب السوداني بكذباتهم وفسادهم وقتلوا ودمروا البلاد.

وعندما يأتي هذا اليوم فلن يبقى المجرم منهم في السجن خمسة عشر يومًا ولن يُطلق سراحه بسبب عدم الإثبات!!

طيف أخير:

قال أحد قيادات المؤتمر الوطني إنهم يحاولون أن يكفّروا عن ذنبهم “صناعة الدعم السريع” بالحرب، لذلك يطلبون من الشعب السوداني أن يقف معهم حتى يقضوا عليها.

والسؤال الذي يقف حائرًا: هل أشرك المؤتمر الوطني الشعب في صناعة هذه القوات وتمكينها وإعطائها مقارًا داخل المدن، حتى يشاركه القضاء عليها!؟

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.