صباح محمد الحسن

طيف أول:
للذين يرتدون أرواحهم الممزقة دون أن تثقلها ظلال الحزن، وللذين أيقنوا أن الشمس لن تتخلى عن عادتها الصباحية.

وكشفت قراءة وزير الخارجية محيي الدين سالم من ورقة خاطئة خلال مؤتمره الصحفي عقب جلسة مجلس الدفاع والأمن في السودان الأخيرة حجم الخلافات والتناقضات داخل صياغة قرار الدولة ومواقف سلطة بورتسودان. ورغم أن الوزير استدرك بعد دقائق وأعلن انفتاح بلاده على دراسة خطة الرباعية، وأوضح أنه كان يقرأ من ورقة خاطئة، إلا أنه أكد لاحقًا أن “ليس من حق أي طرف أن يملي على السودان التفاوض”.

لكن الاستدراك لم يعيد الوزير إلى مكانه الطبيعي في الوزارة، ومنذ ذلك اليوم بدأت خلافات حادة بين صناع القرار في بورتسودان حول الورقة المرحبة بالرباعية وتلك التي كانت رافضة للحل، والتي انتهت بختم موقف الدولة. وبرز غياب الوزير عن منصات الحكومة، ومنابرها، وسيما غيابه عن زيارة الفريق عبد الفتاح البرهان إلى الرياض.

وبالأمس كتب محمد بشير عبد الله أبو نمو، بلا مقدمات: «تلقيت خطاب بتعييني سفيراً بوزارة الخارجية، أتقدم بالشكر للفريق عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء كامل إدريس وحاكم دارفور رئيس حركة تحرير السودان، القائد مني أركو مناوي، للثقة التي أولوني إياها، وأتمنى أن أكون عند حسن ظن الجميع».

ويعيد منشور أبو نمو ذاكرة القارئ إلى منشور الوزير علي يوسف السابق: «أؤكد صحة قرار إعفائي الذي لم يُعلن رسميًا، وأعرب عن رضاي عمّا قدمته خلال فترة تولي الوزارة، مشيرًا إلى أنني سأظل دائمًا جنديًا مخلصًا لوطني».

بين المنشورين تتجلى صورة الحكومة، التي صارت كمجموعة “واتساب” يديرها أدمن يضيف ويزيل ويعيّن من يشاء. ويبدو أن كامل إدريس أصبح أدمنًا جديدًا لا يملك غير هاتفه، إذ أكّد مستشاران له أنهما تلقيا مكالمتين منفصلتين قبل تعيينهما، وأن قرار تعيين أبو نمو جاء لترضية حركة مناوي فقط.

وحكومة تعاني من فقدان الشعور بالمسؤولية تجاه الدولة والمواطن، ولا ترى أمامها إلا مجموعة صغيرة من المسؤولين يسندون حائطًا مائلًا يكشف ملامح الدولة المتهالكة. فعلاقة أبو نمو بحركة مناوي لا تعني أن عمله كسفير يخدم الحركة، لكن “شلة بورتسودان” أصبحت تتبادل المناصب وفق مصالح شخصية، والخارجية تصبح أداة لتقاسم الحصص المحلية.

ويضيف التاريخ: رفضت الولايات المتحدة تمثيل أبو نمو في منبر جدة، حين ترأس وفد الحكومة، وأصر على تمثيل طرفي الصراع فقط. وقال حينها:
«الوفد الأمريكي جاء بمبدأ “take it or leave it”، وحمل تهديدًا ووعيدًا لم نستجب له، وأظهرنا أننا لا نفهم تلك اللغة».

وتكرر الرفض الأمريكي عندما رفض المبعوث الأمريكي مقابلة الوفد السوداني بعد علمه أنه يمثل حكومة الكيزان وليس الجيش، ما أدى لإلغاء زيارة القاهرة. كل هذا يكشف أن أبو نمو ليس له قبول دولي، وأن تعيينه جاء متزامنًا مع تعهدات البرهان للولايات المتحدة، لإبقاء الود مع الحركات، لا بناء سلطة فعلية للخارجية.

طيف أخير:
بعد توقيع إعلان مبادئ لقوى سياسية ومدنية سودانية في نيروبي، قال القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي، وجدي صالح: «يجب أن يكون هناك صوت مدني وسياسي موحد يطالب بوقف الحرب ويعمل على إنهائها، مع التأكيد على ضرورة التصدي للإرهاب، ومواجهة المحاولات المستمرة لقطع الطريق أمام ثورة ديسمبر».

حدث عظيم يعيد جذوة الثورة وروحها إلى الواجهة بكلمة واحدة.

المصدر: صحيفة التغيير

شاركها.