بعد سبع سنوات منذ آخر إصدار للأعمال الشعرية الكاملة للشاعر عبد اللطيف اللعبي صدر باللغة الفرنسية الجزء الثالث، عن دار نشر سيروكو بالدار البيضاء، في صيغة “كتاب الجيب”.

وبعدما جمع الجزء الأول أشعار السنوات بين 1965 و1993، ومن بينها أشعار سجن اللعبي زمن سنوات الرصاص، ضم الجزء الثاني أشعاره المنشورة بين 1996 و2018. ويجد القراء في الجزء الأجدِّ أشعار السنوات من 2018 وصولا إلى 2024.

وعُرِف عبد اللطيف اللعبي منذ ستينيات القرن العشرين بجانب عطائه الشعري بعد العطاء الثقافي والسياسي، عبر مجلة “أنفاس” باللغتين الفرنسية والعربية قبل منعها واعتقاله، وقد توّج خلال مساره بجوائز بارزة منها “جائزة محمود درويش من أجل الحرية والإبداع”، وجائزة “غونكور” الأدبية البارزة في مجال الأدب الناطق بالفرنسية، والجائزة الكبرى للفرانكفونية التي تمنحها “أكاديمية اللغة الفرنسية”.

والشاعر بتعبير فرنسي عبد اللطيف اللعبي صانع مختارات شعرية أيضا، إذ أعدّ ثلاثة مختارات للشعر الفلسطيني عبر العقود، وكان أوّل من ترجم لشاعر فلسطين الأبرز محمود درويش إلى الفرنسية؛ كما ترجم مختارات “القصيدة المغربية من الاستقلال إلى اليوم”، ودواوين الفلسطيني سميح القاسم، والمغربيّين عبد الله زريقة ومحمد بنيس، واللبناني حسن حمدان (المعروف بالمهدي عامل)، والعراقي سعدي يوسف، والسوري محمد الماغوط، والبحريني قاسم حداد.

اللعبي في سنة عيشه الثالثة بعد الثمانين قال في تصريح سابق لجريدة هسبريس الإلكترونية: “ما الذي يمكن أن يتركه الكاتب أو الشاعر بعد انصرافه؟ الإرث الوحيد هو ما كتب. وفي السن الذي بلغته أعتبر أن المسألة مستعجلة بالنسبة إلي، أي أن تنشر كافة أعمالي في حلّة جميلة”.

ولذا، إضافة إلى الأعمال الشعرية الكاملة باللغة الفرنسية، يصدر اللعبي عن دار الرافدين أعماله الأدبية الكاملة مترجمة إلى اللغة العربية، بعد مراجعتها، شعرا، ورسائل، ومسرحا.

وسبق أن صرح عبد اللطيف اللعبي، في ما نقلته هسبريس: “تعلمتُ خلال الاستعمار العربية كلغة ثالثة (…) والفرنسية كانت اللغة التي أضبطها فعلا (…) أحسست دائما بهذا النقص لدي، وفي الترجمة كنت أحس بأنه سُرِقتُ جزءا مني، العربية الفصحى، عربية الآداب الكبرى، وكان هذا نقصا حقيقيا، فعملت بجد كبير لسنوات، وساعدني السجن، فلم يكن السجن سلبيا تماما، وقرأت الكلاسيكيات وعملت لأصير مزدوج اللغة فعلا، لكن هناك لغة مهيمنة دائما”.

ومع تشبثه بـ”التشاؤُل” (تعبير إميل حبيبي بين التشاؤم والتفاؤل) ذكر اللعبي أن ما يستطيعُه الشاعر هو “مرافقة وضع العالم وظروفه، وظروف الوضع البشري”، وزاد: “الشاعرُ مرافِق، يمسك يدك، ويحاول نقل صداقة وثقة وأمل لك، يطرح أسئلة، يتألم، مع لحظات سعادة، وأمل”.

وبعد ذكر السخرية الذاتية ودور “نقدِ لا الخارجِ فقط، بل الداخل أيضا” استرسل الشاعر ذاته متحدثا عن “شكل جديد من الحرية”، اكتشفه مع توالي سنوات العيش، موردا: “لا نقول كل شيء، لا كاتب يقول كل شيء، لكن لا تَقع في الرقابة الذاتية. لي قدرة على قول كل شيء، وعدم السكوت عن شيء، أحس بحرية تامة”.

المصدر: هسبريس

شاركها.