يشكل السكن أحد أبرز التحديات الاجتماعية بالمغرب، باعتباره حاجة أساسية وحقاً دستورياً، وركيزةً للاستقرار الأسري والاندماج الاجتماعي. وفي السنوات الأخيرة، اعتمدت الدولة برنامج الدعم المباشر لاقتناء السكن بمبلغ 70.000 درهم، خطوة مهمة نحو تعزيز الولوج إلى السكن اللائق، ودعم الطبقة المتوسطة، وتنشيط القطاع العقاري.

غير أن الصيغة الحالية للبرنامج التي تحصر الاستفادة في السكن الذي لا يتجاوز 700.000 درهم، أصبحت غير متناسبة مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي لعدد من المدن التي تعرف ارتفاعاً كبيراً في أسعار العقار.

تشير المعطيات الميدانية إلى أن السكن الموجَّه للطبقة المتوسطة يتراوح ثمنه بين 300.000 و1.000.000 درهم، خصوصاً في المدن الكبرى. وبالتالي، فإن شريحة مهمة من الأسر التي تستحق الدعم تجد نفسها مقصاة بشكل غير مباشر، رغم أن هدف البرنامج هو تخفيف العبء المالي عنها وتشجيعها على امتلاك سكن لائق.

هذا الاختلال يطرح سؤالاً عن ضرورة مراجعة السقف المحدد، بما ينسجم مع القدرة الشرائية للمواطنين ومع الارتفاع المتزايد لتكاليف البناء.

جميع الدراسات والتقارير المهنية تشير إلى أن توسيع الاستفادة ليشمل السكن إلى حدود 1.000.000 درهم لن يكون مجرد قرار اجتماعي، بل استثمار اقتصادي مربح له آثار واسعة، من أبرزها:

1. دعم الأسر الراغبة في اقتناء السكن الأول وتخفيف العبء المالي عن الشباب والطبقة المتوسطة، وإحياء أمل التملك في ظل تراجع القدرة الشرائية.

2. تنشيط السوق العقارية ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة.

ارتفاع الطلب سيحفز المنعشين العقاريين على إطلاق مشاريع جديدة، ما ينعش الحركة الاقتصادية المرتبطة بالبناء.

3. خلق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة.

كل مشروع سكني واحد يخلق سلسلة من فرص العمل في مجالات: البناء، النجارة، الكهرباء، البلاط، النقل، التجهيزات… وغيرها.

4. تشجيع البناء المقنن ومحاربة البناء العشوائي

عندما يصبح السكن القانوني في متناول الطبقة المتوسطة، يقل الطلب على الحلول غير القانونية.

5. الحد من التهرب الضريبي والرفع من التصريح الحقيقي بالأسعار

ربط الدعم بالسعر الحقيقي سيجعل طرفي عملية البيع يُصرحان بالقيمة الفعلية للعقار، ما يزيد من مداخيل الدولة.

6. تعزيز موارد الدولة من الضرائب والرسوم

كل زيادة في حجم المعاملات العقارية ستنعكس إيجاباً على خزينة الدولة من رسوم التسجيل والتحفيظ والضرائب المرتبطة بالبناء.

إلى جانب مراجعة السقف المالي للدعم، هناك إجراءات مكملة ستسهم في تسهيل الولوج إلى السكن:

1. مراجعة مؤقتة لرسوم التسجيل والتحفيظ لتخفيف الكلفة على الأسر.

2. تسريع وتبسيط المساطر العقارية عبر شبابيك موحدة.

3. مراقبة جودة المشاريع السكنية لضمان احترام المعايير الهندسية.

4. تحفيز المقاولين الصغار على بناء السكن المتوسط بأسعار مناسبة.

5. وضع خارطة وطنية للسكن تراعي خصوصيات كل منطقة.

خلاصة:
توسيع نطاق الاستفادة من الدعم المباشر ليشمل السكن الذي يصل ثمنه إلى 1.000.000 درهم ليس مجرد مطلب اجتماعي، بل ضرورة وطنية تُعيد التوازن للطبقة المتوسطة، وتنعش الاقتصاد، وتخلق فرص شغل، وتزيد مداخيل الدولة، وتحد من البناء العشوائي.

إن مراجعة هذا البرنامج تمثل خطوة استراتيجية لتقوية الثقة بين المواطن والدولة، ولتوجيه الاستثمار نحو قطاع عقاري منتج وشفاف يخدم التنمية الشاملة.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.