أكد عثمان برادة، مدير أول بشركة Wavestone، أن استعادة البنية الرقمية بعد الهجمات السيبرانية تظل مهمة معقدة ومكلفة، إذ تتطلب في كثير من الأحيان تدمير جزء من النظام وإعادة بنائه بشكل كامل، وهي عملية تستغرق وقتًا طويلًا وتتطلب موارد كبيرة.
وأضاف برادة خلال محادثات حول الوعي السيبراني، اليوم الجمعة، بالدار البيضاء، نظمتها شركة القرض الفلاحي، أن المؤسسات الدولية قطعت أشواطا مهمة في هذا المجال، غير أن العائد الإجرامي من هذه الهجمات لا يكون دائما متناسبا مع تكلفتها، ما يدفع المهاجمين إلى تنويع أساليبهم.
وأوضح المتحدث عينه أن المجرمين السيبرانيين بدأوا يستهدفون مناطق تعرف توسعا سريعا في الرقمنة مثل إفريقيا وأمريكا اللاتينية، الأمر الذي يخلق تفاوتا في مستويات المخاطر والتهديدات.
وقال: “نشهد اليوم بروز مجموعات أقل خبرة تقنيا، لكنها رغم ذلك قادرة على إلحاق أضرار حقيقية، مقابل استمرار نشاط مجموعات منظمة جدًا ومعروفة عالميًا في المجال الإجرامي الإلكتروني.”
وأشار إلى أن الهندسة الاجتماعية أصبحت من أكثر الأساليب انتشارا، نظرا لسهولة تنفيذها وربحيتها، موضحا أن إرسال آلاف الرسائل الاحتيالية يمكن أن يحقق مكاسب معتبرة حتى لو تفاعل معها عدد قليل فقط من الضحايا.
وأضاف: “الهجمات تتطور باستمرار، وأصبحت أكثر تعقيدا، حيث تدمج في كثير من الأحيان عدة تقنيات وتهديدات في هجوم واحد.”
وأكد برادة أن المغرب، شأنه شأن عدد من الدول الإفريقية، يشهد ارتفاعا في وتيرة الهجمات السيبرانية، خاصة تلك المرتبطة بالتصيد الاحتيالي، الذي يعد أكثر التهديدات شيوعا وانتشارا.
وكشف أن هذا النوع من الهجمات ارتفع بنسبة 60 في المائة بين 2023 و2024 نتيجة سهولة تنفيذه واعتماد المستخدمين المتزايد على القنوات الرقمية.
وأشار إلى أن هجمات الفدية تظل من أكثر الهجمات خطورة وانتشارا، إذ يعمل المهاجمون على زرع برمجيات خبيثة لتعطيل الأنظمة ثم المطالبة بفدية مقابل استعادتها، مضيفا أن الهجمات الموجهة ضد المؤسسات الكبرى أصبحت تركز بشكل متزايد على الابتزاز واستهداف البنى التحتية الحرجة.
وختم عثمان برادة تصريحه بالتأكيد على ضرورة الاستثمار في التوعية وتعزيز ثقافة الأمن السيبراني داخل المنظومات المهنية والمالية، باعتبارها خط الدفاع الأول ضد التهديدات المتنامية.
من جهته، قال محمد المعطوي، رئيس قسم المراقبة والخبرة بالمديرية العامة لأمن نظم المعلومات (DGSSI)، إن”كلمة الصمود تمثل مفتاح استراتيجيتنا في الأمن السيبراني، والصمود يعني أن نواصل العمل بشكل مستمر حتى في ظل تعرضنا لمحاولات الهجوم، وأن نغير طريقة تفكيرنا بحيث نفترض أننا مستهدفون بالفعل، حتى لو لم تثبت لدينا أي مؤشرات على ذلك، وبهذا المنهجية الجدية، نتمكن من إجراء التحليلات اللازمة بسرعة وتقديم النصائح لاتخاذ الإجراءات الوقائية قبل أن يصل أي مهاجم إلى هدفه.
وسجل المعطوي خلال الحدث نفسه أن “الصمود يتطلب كذلك وجود خطة لاستمرارية الأعمال وخطة لاسترداد النشاط”، مضيفا: “سنتناول هذا المفهوم على عدة مستويات ضمن ما نطلق عليه الصمود السيبراني، ونربط ذلك برؤيتنا الاستراتيجية التي ترتكز على بناء فضاء سيبراني آمن وموثوق قادر على دعم التحول الرقمي، بما يعزز الثقة، ويدفع بالازدهار الاقتصادي، ويرتقي برفاهية المواطنين.
وزاد: “كجزء أساسي من الصمود، نعمل على تطوير نظم معلومات آمنة من التصميم، مع الالتزام بالمعايير المطلوبة لجميع الأطراف المعنية، كما نسعى لتأهيل وتوثيق عمليات التطوير الآمن، من خلال منح شهادات جودة للموردين ومقدمي خدمات التطوير على المستوى الوطني، ونتابع تطبيق هذا المرجع لضمان الامتثال الكامل”.
وأفاد أيضا بأنه “سيتم التركيز على تعزيز التوعية والتدريب، من خلال ورش عمل متخصصة على مستوى الكيانات الوطنية، لضمان أن جميع الأطراف المعنية على دراية تامة بأهمية الأمن السيبراني وطرق المحافظة على صمود نظم المعلومات.”
المصدر: العمق المغربي
