أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، أن انعقاد الدورة السابعة لمجلس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بمدينة فاس يعكس الرعاية الخاصة التي يوليها أمير المؤمنين الملك محمد السادس لحماية الدين وصون الثوابت الروحية المشتركة بين المغرب وبلدان إفريقيا، مبرزا أن المؤسسة أصبحت اليوم ركيزة أساسية في مواجهة التشويش العقائدي والتطرف وفي تعزيز وحدة الخطاب الديني بالقارة.

وقال التوفيق، خلال كلمته الافتتاحية، إن تأسيس المؤسسة يُعد “من المكرمات الكبرى لأمير المؤمنين”، باعتباره حامل أمانة الدين في المغرب، مشيرا إلى أن هذه الأمانة تمتد لتشمل تعزيز الأخوة الدينية والتاريخية بين المغرب ودول إفريقيا، وهو ما عملت عليه الدولة العلوية عبر العصور.

واستحضر الوزير تجربة تاريخية جمعته بعلماء إفريقيا قبل ثلاثة عقود، حين كان مديرًا لمعهد الدراسات الإفريقية، مؤكدا أن المغرب ظل دائمًا يمد جسور التواصل الروحي والصوفي والعلمي مع العلماء الأفارقة، وهو ما أنتج تراكماً في العلاقات الروحية بين الجانبين.

وأوضح أن أمير المؤمنين وجّه بإحداث مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة لتكون إطارا مؤسساتيا دائما يربط علماء المغرب بأشقائهم في القارة، ولتعزيز التعاون في حماية الثوابت المشتركة ومواجهة التشويش الفكري الذي تعرّضت له بلدان إفريقيا خلال العقود الأربعة الأخيرة، سواء عبر محاولات تغيير العقيدة أو المذهب أو استهداف الروابط الصوفية الأصيلة.

وأشار التوفيق إلى أن هذا التشويش أدى في بعض البلدان إلى اضطرابات فكرية وانحرافات غذّت مظاهر التطرف والإرهاب، مؤكدا أن دور المؤسسة يتمثل في تدارك الوضع عبر دعم العلماء وتمكينهم من المرجعيات الصحيحة، وتبادل الخبرات لضمان أمن ديني قائم على الاعتدال والاستقامة.

وأضاف أن المؤسسة، التي اختيرت مدينة فاس مقرا لها بأمر ملكي، “استوت على سوقها وأصبحت تؤتي أكلها كل حين”، من خلال برامج متعددة تشمل تنظيم مسابقات في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وتوزيع المصحف المحمدي الشريف على عدد من الدول الإفريقية، وإحياء التراث الإسلامي الإفريقي المشترك، وإبراز الثوابت الدينية الجامعة

وكشف الوزير أن معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات كوّن إلى اليوم حوالي 1500 إمام ومرشدة من الدول الإفريقية، إضافة إلى ألف طالب وطالبة يتابعون تكوينهم حاليًا، مشددًا على أن هذه التجربة أصبحت نموذجًا يطلبه عدد من البلدان، إلى جانب طلبات أخرى مرتبطة، بتطوير مؤسسات الإفتاء، وتنظيم الحقل الديني، والاستفادة من التجربة المغربية في الأوقاف، بالإضافة إلى طلبات حديثة للاستفادة من النموذج المغربي في تدبير الزكاة

وشدد التوفيق على أن “أهم ما ينبغي التعاون فيه اليوم”، يتمثل في ما أصبح يسميه العلماء بـ تسديد التبليغ، أي ضمان تبليغ الدين على أساس يربط المسلم بقيم الإسلام العملية، وليس بمجرد الانتماء الشكلي له.

وأوضح وزير الأوقاف أن العلماء في المغرب حدّدوا أولويات عملية لتقويم التدين، أهمها صدق المعاملات ونبذ الحرام، وترك الكذب بكل صوره، وأداء الحقوق والالتزام بالأمانة، مضيفا أن هذه الأولويات تُصرف اليوم في الخطب والدروس وتُكرّس عبر برامج المؤسسة.

وبيّن التوفيق أن قوة الإسلام تظهر في أثره على السلوك والأخلاق، مستشهدا بتحول الصحابة بفضل التربية النبوية، معتبرًا أن “الانتساب للإسلام لا يكفي… بل ينبغي أن يصير المسلم إنسانا يستحضر الله في كل حين ويحاسب نفسه”.

ودعا وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، رؤساء وأعضاء الفروع الـ48 للمؤسسة إلى الاضطلاع بمسؤوليات كبرى في هذه المرحلة، تقوم على ثلاثة مرتكزات، منها استيعاب رسالة المؤسسة وميثاقها وتنزيلهما ميدانيا، وحسن تدبير العلاقات داخل بلدانهم بروح الحوار والتسامح، وضمان التدبير المالي السليم للبرامج والمشاريع، ولو بموارد محدودة

وخلص أحمد التوقيف التأكيد على أن التعاون بين المغرب والدول الإفريقية في خدمة الدين سيستمر ويتعزّز، داعيا العلماء الأفارقة إلى مشاركة التجارب والعمل المشترك على ترسيخ نموذج ديني معتدل يحمي الأفراد والمجتمعات.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.