أعربت فئة عريضة من سكان مدينة تامنصورت، الواقعة على مشارف مراكش، عن سخطها العارم إزاء الفوضى التي ضربت سوق الكراء خلال السنوات الأخيرة، والتي تجلت في قفزة صاروخية للأسعار، حيث تضاعفت السومة الكرائية من سقف لم يكن يتجاوز 1000 درهم في السابق، لتستقر اليوم عند عتبة تتراوح ما بين 1500 و1700 درهم.
وأكد متضررون أن هذا الارتفاع غير المبرر يأتي رغم استمرار العمل بنظام “الرهن”، الذي فقد دوره التقليدي كآلية لتخفيض الإيجار. ففيما مضى، كان هذا النظام يمنح المكتري فرصة الاستقرار مقابل إيداع مبلغ مالي يناهز 20 ألف درهم، مما يخفض الإيجار الشهري إلى سومة رمزية. أما اليوم، فقد تحول “الرهن” إلى عبء إضافي يثقل كاهل الأسر، التي باتت مطالبة بتوفير مبلغ الرهن كاملاً إلى جانب سومة كرائية شهرية مرتفعة.
من جهته، عزا الفاعل الجمعوي، محمد بنزباير، في تصريح لجريدة “العمق”، هذا الاشتعال في الأسعار إلى التداعيات المباشرة للزلزال الأخير الذي ضرب المنطقة. وأوضح أن الكارثة دفعت عدداً كبيراً من الأسر المنكوبة إلى النزوح نحو تامنصورت بحثاً عن مأوى مؤقت، مما خلق طلباً متزايداً على السكن، وهو الوضع الذي استغله الوسطاء والملاك لرفع الأسعار بشكل غير مسبوق، لتجد الأسر المتوسطة والهشة نفسها المتضرر الأكبر من هذه الأزمة.
وتشير شهادات متطابقة إلى أن السماسرة تحولوا إلى فاعل مهيمن في سوق الكراء، حيث باتوا يفرضون قوانينهم الخاصة بعيدا عن أي ضوابط. فهم لا يتحكمون فقط في تحديد الأسعار، بل يفرضون شروطاً مجحفة، إذ أصبح المكتري اليوم يواجه ثلاثية خانقة: سومة شهرية مرتفعة، ورهن مالي كبير يبقى مجمداً لدى المالك، بالإضافة إلى شرط دفع إيجار سنة كاملة مقدماً كدفعة واحدة، دون أي تخفيض يذكر. هذا الواقع الجديد، بحسب السكان، يخلق ضغطاً اقتصادياً لا يطاق ويزيد من صعوبة الحصول على سكن لائق.
ويرى متتبعون للشأن المحلي أن هذه الزيادات لا تعكس أي تحسن في جودة العقارات المعروضة للكراء أو تطور عمراني لافت، بل هي نتاج طبيعي لفراغ تنظيمي وقانوني. ويعزو هؤلاء الأزمة إلى غياب شبه تام للرقابة الرسمية على سوق الكراء، وضعف تأطير مهنة الوسطاء العقاريين، فضلاً عن عدم وجود قوانين واضحة تؤطر مبالغ الرهن وإجراءات توثيقها واسترجاعها. هذا الفراغ ترك المجال مفتوحاً أمام المضاربات، مما أدى إلى تفاقم معاناة الأسر الباحثة عن سكن بأسعار معقولة.
وأمام هذا الوضع، يطالب سكان تامنصورت بتدخل عاجل من السلطات المعنية لوضع حد لهذه الفوضى، من خلال إرساء آليات قانونية واضحة لحماية حقوق المكتري. وتشمل هذه المطالب تحديد سقف معقول للسومة الكرائية، وتقنين مبالغ “الرهن” مع ضمان استرجاعها، ومنع فرض الدفع السنوي الإجباري، بالإضافة إلى تنظيم مهنة السماسرة للحد من تلاعباتهم التي أضرت بالسوق وأثقلت كاهل المواطنين.
المصدر: العمق المغربي
