كتب : محمود الهواري
03:19 م
04/12/2025
يشتهر الإنترنت المظلم بالعديد من الأنشطة غير القانونية، بما في ذلك بيع السلع المحظورة، وسرقة بيانات بطاقات الائتمان، وتقديم خدمات القرصنة، إلى جانب تواصل مجموعات خبيثة سرًا.
ورغم هذه المخاطر، يظل السؤال الأكثر إلحاحا، لماذا لا يتم حظره للحفاظ على سلامتنا، ولماذا يستمر في الوجود رغم خطورته؟
ما هو الويب المظلم؟
الويب المظلم هو جزء من الإنترنت لا يتم فهرسته بواسطة محركات البحث التقليدية، ولا يمكن الوصول إليه إلا عبر برامج متخصصة تتيح تصفح الإنترنت مجهول الهوية.
الأداة الأكثر شيوعا للوصول إلى الويب المظلم هي متصفح TOR، الذي يخفي هويات المستخدمين ونشاطهم على الإنترنت من المراقبة والتتبع، من خلال توجيه الاتصالات عبر عدة عقد مشفرة موزعة حول العالم.
ويعد الويب المظلم جزءا صغيرا من “الويب العميق”، الذي يشمل جميع أجزاء الإنترنت غير المفهرسة، لكن على عكس الويب العميق الذي يحتوي على قواعد بيانات خاصة ومكتبات رقمية ومواقع الأعضاء فقط، يتميز الويب المظلم بإخفاء الهوية الكامل.
هذه الخصوصية جعلت الإنترنت المظلم بيئة مزدوجة الأوجه، الأولى ملاذا للأنشطة غير القانونية مثل تجارة المخدرات والأسلحة وسرقة البيانات، وتقديم الخدمات الإجرامية المختلفة.
والثانية مساحة آمنة للمبلغين عن المخالفات، وللناشطين والصحفيين، حيث يمكنهم التواصل دون خوف.
ورغم الشهرة الكبيرة للويب المظلم، فإن جزء مستخدميه لا يشكل سوى نسبة صغيرة مقارنة بالإنترنت العادي، إذ هم يشملون أشخاصا يبحثون عن الخصوصية لأسباب مشروعة، وأفرادا يشاركون في أنشطة غير قانونية.
هل الويب المظلم يشكل خطورة؟
يمكن اعتبار الإنترنت المظلم خطرا لعدة أسباب تتعلق بطبيعة الأنشطة التي تتم فيه والمحتوى المتاح للمستخدمين من أهم المخاطر:
1 الأنشطة غير القانونية
يعد الإنترنت المظلم سوقا للسلع غير القانونية، مثل المخدرات والأسلحة والعملات المزيفة والمعلومات الشخصية المسروقة.
ويوفر خدمات القرصنة، وحتى عروض القتلة المأجورين، مما يعرض أي شخص يتعامل معها أو حتى يتصفحها لمخاطر قانونية كبيرة.
2 مخاطر الأمن السيبراني
إخفاء الهوية في الإنترنت المظلم يجعله بيئة خصبة للبرمجيات الخبيثة، وبرامج الفدية، وأنواع أخرى من التهديدات السيبرانية.
وقد يقوم المستخدمون عن غير قصد بتنزيل برامج خبيثة قادرة على سرقة معلوماتهم، أو تشفير ملفاتهم، أو حتى تجنيد أجهزتهم في شبكة روبوتات إلكترونية.
3 الاحتيال والنصب
غياب الرقابة والتنظيم يجعل الإنترنت المظلم أرضًا خصبة لعمليات الاحتيال، إذ كثير من المستخدمين يقعون ضحية عمليات وهمية تعد بتقديم خدمات أو سلع لا تسلم أبدا، واسترداد الأموال يكون شبه مستحيل بسبب الطابع المجهول للمعاملات.
4 التعرض لمحتوى ضار نفسيا
يحتوي الإنترنت المظلم على محتويات صادمة وعنيفة، بما في ذلك مواد للبالغين، وصور عنيفة، ومواقع تروج للإرهاب أو التطرف، إذ أن التعرض لمثل هذا المحتوى قد يكون ضارا نفسيا ويؤثر على صحة المستخدم.
5 العواقب القانونية
حتى مجرد الوصول إلى بعض أجزاء الإنترنت المظلم يمكن أن يجذب انتباه جهات إنفاذ القانون، ويؤدي إلى عقوبات قانونية، بحسب طبيعة النشاط والولاية القضائية.
لماذا لا يتم حظر الويب المظلم؟
رغم استخدامه في أنشطة غير قانونية، فإن للويب المظلم تطبيقات متعددة تجعل حظره غير عملي، بل قد يكون مضرا. أهم الأسباب:
1 استخدامات مشروعة لشبكات مجهولة الهوية
شبكة TOR، وهي البرنامج الرئيسي للوصول للويب المظلم، طورتها وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية الأمريكية بالتعاون مع مكتب الأبحاث البحرية.
وتستخدم هذه الشبكة من قبل ضباط الجيش والجواسيس لنقل معلومات سرية، إذ أن إغلاقها سيوقف أيضا استخدامات مشروعة عديدة.
2 حماية الصحفيين والناشطين
في الدول التي تخضع فيها وسائل الإعلام للرقابة، يصبح الإنترنت المظلم المنفذ الوحيد للحصول على معلومات موضوعية أو التواصل دون خوف، إذ أن حظره سيقطع سبيل هؤلاء للوصول إلى المعلومات بحرية.
3 الحفاظ على الخصوصية
حظر الإنترنت المظلم قد يمثل سابقة خطيرة تسمح بفرض رقابة واسعة على الإنترنت، ما يهدد حرية التعبير والتواصل المفتوح على مستوى عالمي.
4 صعوبة التطبيق
الويب المظلم شبكة لامركزية وعالمية، إذ أن فرض حظر شامل يتطلب مراقبة كل حركة على الإنترنت، وهو أمر شبه مستحيل من الناحية التقنية والقانونية، دون انتهاك الحقوق الرقمية.
