3 ديسمبر 2025Last Update :
صدى الاعلام_كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية في تقرير موسّع، اليوم الأربعاء، عن معطيات وشهادات جديدة توثّق خطورة ما يُعرف بـ”الخط الأصفر” الذي حدده الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة، وهو خط غير مرسوم بوضوح على الأرض لكنه بات يفصل، حرفياً، بين الحياة والموت بالنسبة لمئات آلاف الغزيين الذين يقتربون منه بحثاً عن مساكنهم المدمرة أو وسائل للبقاء على قيد الحياة.
وبحسب الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي يطلق النار باتجاه كل من يقترب من هذا الخط، رغم أنه غالباً غير ظاهر ميدانياً، ويُشار إليه أحياناً بكتل إسمنتية أو أنابيب مغروسة في الأرض، وفي كثير من المواقع لا يوجد أيّ علامة تدل عليه.
استشهاد طفلين أثناء جمع الحطب
وأبرزت “هآرتس” حادثة استشهاد الطفلين فادي أبو عاصي (10 أعوام) وجمعة أبو عاصي (12 عاما) من بلدة بني سهيلا جنوب القطاع الأسبوع الماضي، بعد استهدافهما بواسطة مسيّرة إسرائيلية بينما كانا يجمعان الحطب للتدفئة في أرض زراعية قريبة من منزل عائلتهما المؤقت.
وأكدت الصحيفة أن الجيش اعترف بالمسؤولية، قائلاً إن قوات من لواء “كفير” رصدت “مشتبهين” عبرا الخط الأصفر واعتقدت أنهما يشكلان “تهديداً فورياً”، فتم توجيه سلاح الجو لقتلهما.
الغزيون: “خط وهمي لكنه يشقّ حياتنا”
ووفقاً لشهادات جمعتها الصحيفة، فإن مئات الفلسطينيين يقتربون يومياً من المناطق القريبة من الخط بحثاً عن مواد للتدفئة، أو لاستعادة أغطية وملابس من منازلهم المدمرة، أو لجمع الحديد والمواد التي يمكن بيعها لإعالة أسرهم.
عماد، أحد سكان شمال القطاع، قال لهآرتس: “الخط وهمي لكنه يقطع حياتنا. الناس يذهبون هناك بحثاً عن فراش أو بطانية أو حطب. كل من يقترب هو مدني، لا يوجد أي مقاتل يحاول العبور. الجيش يعرف ذلك، ولذلك النار ليست أمنية بل عقاب”.
سكان آخرون تحدّثوا عن ارتباك كبير بسبب غياب علامات واضحة للخط، ما يجعل العائلات غير متأكدة إن كانت بيوتها تقع “داخله أو خارجه”.
أبو أحمد، من المنطقة الشرقية، قال: “إطلاق النار على من يقترب هو قتل بدم بارد. إسرائيل تعلم تماماً من هو مدني ومن يشكل تهديداً. الهدف هو منع الناس من العودة وضغطهم في مساحات أصغر”.
مئات الشهداء منذ وقف إطلاق النار
وبحسب وزارة الصحة في غزة، فقد استشهد 356 فلسطينياً منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، بينهم عشرات قضوا بعد اقترابهم من “الخط الأصفر”.
وفي مناطق عدّة من غزة مثل حي التفاح قرب شارع صلاح الدين، أدّت نيران الجيش إلى استشهاد ثلاثة فلسطينيين بينهم طفل وإصابة 15 آخرين، وفق ما وثّقته وسائل إعلام محلية.
البحث عن الدفء والنجاة في شتاء قاسٍ
ومع حلول الشتاء، بات الفلسطينيون غرب الخط الأصفر يعتمدون على كل ما يمكن إيجاده من بقايا المنازل لاستخدامه كأغطية أو مواد بناء أو حطب.
“هآرتس” أشارت إلى أن البعض يخاطر بحياته للعودة إلى الأراضي الزراعية ومحاولة زراعتها من جديد، بينما يقوم آخرون بجمع الحديد والطين لاستخدامه في إنشاء خيام بديلة أو لبيعها في الأسواق.
مزارع من خان يونس قال للصحيفة إنه وجد معظم أرضه بعد الهدنة خلف الخط، فاضطر إلى زراعة الجزء الصغير الباقي أمامه مستعيناً بمواد جمعها من تحت الركام، رغم تحليق المسيّرات فوقه أثناء عمله.
“ترانسفير داخلي” داخل غزة
ونقلت الصحيفة عن العديد من الشهود قولهم إن الجيش يطبّق سياسة تهدف إلى منع العودة إلى المناطق الشرقية، بما يدفع السكان للتكدس في مساحات ضيقة غرب الخط، وهو ما وصفه أحد السكان بأنه “ترانسفير داخلي” يجري داخل القطاع.
تحذير من انهيار كامل للوضع الإنساني
مسؤول اجتماعي سابق في غزة قال: “نحن دخلنا مرحلة مظلمة. لا يوجد أفق لإعادة إعمار أو أي حلّ دائم، والاقتراب من الخط يعني الموت، لكن من يعبره أيضاً لا يجد حياة. إنه خط يفصل بين كارثتين”.
الجيش الإسرائيلي يمتنع عن التعليق
ووفق “هآرتس”، لم يقدّم الجيش الإسرائيلي أيّ ردّ إضافي على ما ورد في التقرير.
